للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ظهر فجأة اسم الجركس في العصور المتأخرة، وصار يطلق على بعض - وأحيانا على كل - القبائل الساكنة في القوقاز الشمالي الغربي، ثم انتشر هذا الاسم وصار يطلق - من غير تحقيق أو تدقيق - على جميع سكان القوقاز في عصر المماليك كما فعل البدر العيني، ومال إليه ابن خلدون، ثم شاع هذا الاستعمال في الشرق الأدنى في فترة أخرى من التاريخ على أثر تلك الهجرة الواسعة النطاق التي قام بها الجركس إلى الممالك العثمانية على أثر تغلب الروس عليهم واحتلالهم لبلادهم.

ولكن هذا كله لا يجعل هذا الإطلاق صحيحا أو دقيقا، بل لا يعدو أن يكون ضربا من ضروب التساهل من الكتاب أو عدم وقوف على حقيقة الحال من تنوع الشعوب في تلك الأقطار الشاسعة، واختلاف أصولها وتنوع أجناسها،

وإن الحديث عن شعوب القوقاز، وكثرتهم واختلاف السنتهم وألوانهم حديث قديم طويل، حتى كان المؤرخون القدماء من العرب يسمعون القوقاز بلاد الشعوب والجبال، وكان زاعمهم يزعم أن في تلك البلاد نيفا وسبعين شعبا لكل شعب لغته الخاصة به!. كذلك كان صنيع مؤرخي الرومان واليونان، فاسترابون يؤيد نيف وسبعين شعبا، وهكذا بقيت هذه الأسطورة عالقة بالأذهان إلى عصور متأخرة جدا حتى جاء علم اللغات المعاصر، وأعار هذه القضية أهمية هاصة، وبحث مسألة تعدد لغات القوقازين بحثا علميا دقيقا، واستطاع أن يهدم تلك النظريات، والآراء الشائعة المبنية على معلومات غير دقيقة، ففي أواخر القرن السابع عشر الميلادي ابتدأ العالمان الألمانيان: (تليدن أسناد) و (بالاس) الأبحاث العلمية عن أصول اللغات القوقازية، واستطاعا إرجاعها إلى الأصول الآتية:

١ - اللغة التتارية: وهي لغة الشعوب التركية الأصل.

٢ - (اللزكية: وهي لغة الداغستان.

٣ - (الكستينية: وهي لغة الحجانيين.

٤ - (السركسيانية: وهي لغة الأديفة.

٥ - (الأوستينية: وهي لغة الأوسيت من الشعوب الإيرانية القديمة.

٦ - اللغة الكرتفليانية: وهي لغة الكرجيين.

وأصبح هذا التقسيم للغات القوقازيين أساس علم اللغات القوقازية فيما بعد استند عليه

<<  <  ج:
ص:  >  >>