آمنوا قبل هجرتهم. ومن قال بتقدير فعل انصبابه على الاسمين احتاج إلى أن يقول: لزموا الدار والإيمان من قبل المهاجرين ثم لزموا. . . من قبل هجرة المهاجرين. أو قالوا في الحالين تبوءوا الدار من قبل المهاجرينوأخلصوا الإيمان. أو لزموا الدار من قبل المهاجرين ولزمو الإيمان. أوعلى كليهما اضطررنا إلى تأويل وتقدير أو تقديم أو تقديم مع أن هناك قاعدة مشهورة وهي أن ما سلم من التقدير أولى مما احتاج إلى تقدير.
(ج) أما من يرى أن الإيمان مفعول معه فقد تجنب أكثر هذا التكلف، فال أبو حيان في تفسيره البحر المحيط: قال ابن عطية والمعنى تبوءوا الدار مع الإيمان وبهذا الاقتران يصح معنى قوله - من قبلهم - فتأمله. . . اهـ
(د) يوهم ما كتبه الأستاذ أن الفراء والفارسي والمازني إلى آخر من ذكرهم قد تعرضوا للآية عند المتكلم على التوضيح إذا امتنع العطف والمفعول معه كقوله:
علقتها تبناً وماء بارداً ... حتى غدت همالة عيناها
وكقوله:
إذا ما الغانيات برزن يوماً ... وزججن الحواجب والعيونا
أضمر فعل ناصب للاسم الواقع بعد الواو وهذا قول الفراء والفارس ومن تبعهما. وذهب الجرمي والمازني والمبرد وأبو عبيدة والأصمعي واليزيدي إلى أنه لا حذف وأن ما بعد الواو في (البيتين) معطوف على ما قبله، وذلك على تأويل العامل المذكور قبلهما بعامل يصح انصبابه عليهما معا فهو من باب التضمين (ومثل ذلك ذكره السيوطي في الهمع. فالشاهد الذي يعارضني به الأستاذ وقد استمده من النسفي - وأزيده أنه قد ذكره غيره - إنما هو فيما لا يحسن أن توضع فيه واو المعية ولا يجسن فيه العطف فاضطروا إلى التأويل والتقدير أما الآية فهي فيما يجوز فيه النصب على واو المعية واضمار الفعل الصالح. فالتنظير غير تام بين الآية والبيت. ومن كل هذا نخلص إلى أنني لم اكن بعيدا عن الدقة وإنما كنت أقرب إليها منه، هذا في الوقت الذي لم أكن أقصد في بحثي الأسبق إلى ترجيح إعراب على إعراب وإنما كنت أقصد إلى أن الواو في المفعول معه نص في المعية بدون تجوز أو تأويل، وشواهدي التي سقتها صريحة في هذا ومنها الآية الكريمة. ولا يكفي في الرد أن يقال هذا بعيد كل البعد او أن هذا ضعيف من غير تبيان وجه البعد