للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ومرت برأسه ذكريات مجده القريب، وذكر المواكب التي كان يختال فيها على جواده، تعقد عليه الآمال، وتستعظمه العيون والنفوس، أما اليوم، فها هو ذا يدخل القاهرة مقيدا مغلولا، وما أن لمحه الجمهور حتى هاجت المدينة وماجت كل يريد أن يراه في قفصه الحديد، ولم يدع الشعب إهانة ولا سخرية لم يلحقها بنصر ووالد نصر. أما أخوات الظافر فما كدن يسمعن بقدومه حتى أرسلن يستعجلن حضوره، وقد سمح لهن طلائع أن يفعلن به ما يشفي غليلهن، وكم حزن عندما علمن أن الموت حال بينهن وبين الانتقام من عباس!

لم تستقبل أخوات الظافر نصرا إلا بالأخفاف والقباقيب، حتى إذا تعبن من ضربه وأدمين وجهه وجسمه ورأسه، أرسلن إلى أحد الأطباء، فصلم أذنيه، وجدع أنفه، وأخذت هذه الأشياء فطهيت، وأجبر نصر على أكلها، ثم وضع في قفصه الحديدي، وطيف به في القاهرة لم يترك شارع ولا حارة ولا درب إلا شهد الأصلم الأجدع واشترك في إهانته والسخرية منه، فإذا تم طوافه بالقاهرة أخذ حيا وعلق على باب زويلة، وظل هناك عدة أشهر حتى مل الناس رؤيته، فانزل وأحرقت جثته وذريت في الهواء.

أحمد أحمد بدوي

مدرس بكلية العلوم بجامعة فؤاد الأول

<<  <  ج:
ص:  >  >>