للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أدباء القرن الثامن ولد بحماة عام ٦٧٤هـ، وعاصر ابن نباتة والصفي الحلي، وكان يفد على الملك المؤيد صاحب حماة كما كانا يفدان، وأنشد بحضرته وهما بين يديه غزلية فريدة ثلاثية الأدوار أعجبوا بها أيما إعجاب جانس في البيت الأخير من كل دور من أدوارها بين ضربه وعروضه فضلا عن الدقائق الأسلوبية التصويرية التي راعاها. وهذا دأبه في غزلياته وقد أثبت ابن حجة في خزانته الغزلية المذكورة. وفي مطلعها يقول:

قلبي يحب تياه ... ليس يعشق إلا إياه

فاز من وقف وحياه ... يرصد على محياه

بدر السما لو يطبع ... من رام وصالو يعطب

صغير بحير في أمرو ... غزال قهر بسمرو

ليث الهوى ونمرو ... فاعجب لصغر عمرو

ريم ابن عشر وأربع ... أردى الأسود وأرعب

واشتهر بفن الزجل في أخريات العصر، ومنذ عهد الأشرف قايتباي، الأديب اللبق البارع (بدر الدين الزيتوني) وهو أبو النجاء محمد بن محمد العوفي. ولد عام ٨٣١هـ وتوفي عام ٩٢٤هت بعد أن شهد عهد الغوري، وعاصر مصرعه. وقد سجل في زجلية رحلة السلطان قايتباي إلى الديار الشامية عام ٨٨٢هـ، وذلك على نمط فريد مفصل بدقائق الحوادث ومذهبها:

سلطاننا الأشرف خرج في أربعين ... من العساكر حين سافر حماه

ومن حلب عدا يروم الفرات ... فاسقي الخيول من ماه وربه حماه

وسجل حوادث الطاعون الجارف الذي أصاب البلاد عام ٨٩٧هـ ورثى في تسجيله أهل مصر رثاء بليغا مليئا بالحكمة. وعلى هذا الغرار رثى قايتباي مشيرا إلى بعض وقائع عصره. وفي ٩٢٢هـ وقعت فاجعة (مرج دابق) المشئومة. فهزت كيان مصر، واضطربت بها قفارها، وفزعت لها أعماقها، وقد قتل في هذه الموقعة سلطانها الشهيد الأشرف الغوري، وفتحت السبل أمام الغزو العثماني البغيض. يصور لك بدر الدين الزيتوني هذه الخواطر والمخاطر في زجلية عصماء تبلغ نحو ١٢٠ بيتا يرثي بها دولة الغوري وليس لها ضريب في الشعر الفصيح، ونلاحظ أن هذا الأديب كان يعنى بذكر

<<  <  ج:
ص:  >  >>