وتمد الحسناء بالحل والشو ... ق، فتفتن في الأماني افتتانا
غير أن الزمان من شأنه الكي ... د ومن ذا الذي يكيد الزمانا؟
والليالي إلى المودة آنا ... والليالي إلى العداوة آنا
وأرى العمر ساحة ينبت الده ... ر عليها نباته ألوانا
فهو إن شاء بنيت الفرحة الكب ... رى، وإن شاء ينبت الأحزانا
في مساء من أمسيات الشتاء ... تدرك النفس فيه معنى الفناء
وتنوح الرياح نوح الثكالى ... فتضج الجبال بالأصداء!
أخذ البلبل الجميل يغني ... أغنيات تهيم في الظلماء
وإذا صوته يسيل دموعا ... فكأن الغناء رجع بكاء
أتراه يحسن خطو المنايا ... حين تسري بركبها في المساء؟
أتراه يرى الحياة تتهاوى ... في وهاد سحيقة الأرجاء؟
وأتاها الكرى مثير الخيال ... فانتشت روحها بخمر الليالي
فرأت في منامها أن نسرا ... محكم الخلق، مدمج الأوصال
أبصر البلبل العزيز يغني ... وهو يمضي محلقا في الأعالي
فانثنى نحوه، فانشب فينه ... مخلبا حده كحد النصال
ومضى مصعداً، وللبلبل الشا ... دي صريخ يغني كطيف الخيال
فجرت خلفه تولول حتى ... أبصرته يغيب خلف الجبال
وتراءى الصباح جهم المحيا ... تعصف الريح فيه عصفا قويا
فاستفاقت من نومها وهي تشكو ... ألما كامنا، وحزنا خفيا
أرهفت سمعها لتسمع منه ... نغمة حلوة ولحنا شجيا
لم تجد صوته فهبت من الرو ... ع تنادي من ليس عنها قصيا
فإذا البلبل العزيز المغني ... جعل الموت صمته أبديا
وجمت ساعة، وفي القلب منها ... حرقات تطوي الجوانح طيا
وجرى دمعها فأنت أنينا ... يجعل الموت خاشعا مستكينا
ثم راحت تضمه في حنان ... وتنادي به نداء حزينا: