مرة إلى علي بن مقلة كما نسب إلى قدامة بن جعفر وجهل أمر صاحبه. ومن المحتمل أيضا أن يكون البطليوسي ومؤلف كتابنا هذا من قبل كلاهما قد نقل نقولا من كتاب لابن مقلة في هذا الموضوع، وهو أمر لم تساعدنا الظروف على تحقيقه.
وجملة القول أن مؤلف كتاب (البرهان) يجب أن تتوفر فيه الشرائط:
(١) كونه شيعيا. (٢) أن تجمعه أواصر القربى بآل وهب. (٣) أن يكون قد ألفه بعد سنة ٣٣٥. (٤) ألا تزيد أبواب كتابه على أربعة أبواب كاملة.
وهذه الأحوال لا تجتمع في قدامة بن جعفر، ولكنها يمكن أن تجتمع في مؤلف آخر. وفي يدنا مخطوطة قديمة كاملة للكتاب ذكر المؤلف فيها اسمه في متن الكتاب، هكذا (أبو الحسين اسحق بن إبراهيم بن سليمان بن وهب الكاتب) فنحن على أن ننسب الكتاب إليه إلى أن يظهر لنا خلاف ذلك. ولم نجد ذكرا لهذا الكاتب أو لمؤلفاته في المراجع والمظان المعروفة لنا. ومن غريب الأمر أن هذا الكتاب قد نسب إلى قدامة بن جعفر في طرة المخطوطة الإسكوريالية، وكذلك في طرة المخطوطة التي بأيدينا مع ورود اسم المؤلف في أثناء الكتاب وهو أمر غفل عنه الناسخ، وتفسير هذا التناقض يسير، فإن الوراقين كانوا يعرفون قيمة قدامة الأدبية ويعرفون شهرة كتابه في الأدب فلا يستبعد عليهم أن يضعوا اسمه على هذا الكتاب ذلت سهيل بيعه وتداوله، وهذه طريقة معروفة عند النساخ والوراقين لا تخفى على المحققين. ونذكر مثلا قريبا لذلك كتاب (أسرار البلاغة) نشر بمصر وجاء في خاتمة الكتاب أن مؤلفه أتمه في سنة ٨٥٥ ومع ذلك نسب طرة الكتاب لبهاء الدين العاملي المتوفى سنة ١٠٠٣ وعرف باسمه لذي الوراقين. وفي كتب الفهارس، وغير ذلك كثير.
وبعد فإنصافا للعلم والعلماء، وإنصافا لأنفسنا كذلك، لا يسعنا إلا أن ننوه في ختام هذه الكلمة بأن عالمين جليلين كانا قد أظهرا الشك في نسبة كتاب (نقد النثر) إلى قدامة بن جعفر، وإنه لا بد أن يكون لكاتب آخر مجهول من أهل القرن الرابع. فهذان العالمان الفاضلان هما الدكتور طه حسين بك والأستاذ محمد كرد علي، فاستحقا منا التقدير والثناء. زها نحن أولاء قد قمنا بما تمليه علينا الأمانة العلمية بتقديم أدلتنا على أن الكتاب اسمه (البرهان) وأنه من تأليف أبي الحسين اسحق بن إبراهيم بن سليمان بن وهب الكاتب، وأن