يشعر بتشيعه كقوله (الأئمة عليهم السلام. الأئمة الصادقين. الأئمة المستودعين علم القرآن. وروى عن الصادق عليه السلام) اهتمامه بنقل فقه الشيعة كاملا في تعرضه لأقوال الفقهاء، وترجيحه لآرائهم في بعض الأحيان ظاهرة تدل على تمكنه في نحلته الشيعية. وقدامة بن جعفر لم يكن من الشيعة ولا من فقهائهم كما هو معروف وكما يدل عليه ما كتبه عن الخراج، وإنما كان نصرانيا في الأصل وأسلم على يد الخليفة المكتفي بالله، وإذا أسلم نصراني على يد خليفة عباسي - وذلك إنما يكون عادة طمعا في مناصب الدولة - فمن المستبعد أن يصير علويا متشيعا مرة واحدة. وما أورده الأستاذ العبادي في توجيه مسحة التشيع الظاهرة في الكتاب من أن قدامة قد جارى بني بويه بعد دخولهم بغداد سنة ٣٣٤ يرده النقد التاريخي، وقد كتب قدامة كتابه في الكتابة قيل هذا التاريخ بأربعة عشر عاما على الأقل، ومات بعد دخولهم بغداد بوقت قصير.
سادسا - وصاحب كتاب (البرهان) يصر في كل مناسبة على ذكر الرجال المشهورين من آل وهب معظما لهم فخورا بهم كأن يقول (وقد كان شيخنا أبو علي الحسن بن وهب رحمه الله. . .) وقال أبو أيوب رضي الله عنه: (وقد ذكر أبو أيوب رحمه الله رجلا مشهرا بالبلاغة. ولو لم تتقدم من ذكر البلاغة إلا بهذا القول من شيخنا رحمه الله لكفى وأجزى) وأبو أيوب هذا هو سليمان بن وهب عميد آل وهب وجد المؤلف.
سابعا - وهناك أمر يجب التنويه إليه وهو أن البطليوسي في كتابه (الاقتضاب شرح أدب الكتاب) قد كتب فصولا طويلة بنى عليها مقدمته في شرح الكتاب (ص٦٦ - ٩٠) وهذه الفصول تتفق في لفظها في معظم الحيان تمام الاتفاق مع بعض فصول كتاب البرهان، وفي بعض الأحيان تتفق معها مع تعديل طفيف، ولكن البطليوسي لم ينسبها إلى أبي الحسين ولا إلى قدامة، وإنما اشعر بنسبتها إلى علي بن مقلة (المتوفى سنة ٣٢٧)، ولا يمكن أن يقال أن هذا الكتاب (البرهان) هو لابن مقلة، وأن البطليوسي نقل عنه بعد أن أثبتنا أن (البرهان) ألف بعد سنة ٣٣٥ وبعد وفاة ابن مقلة بنحو ثماني سنين، كما أن شيوخا لعلي بن مقلة ولم تكن له بهم صلة قريبة ولم يكن علي بن مقلة شيعياز والقدر المتيقن أن البطليوسي لم يحتسب على أي حال قدامة بن جعفر مؤلفا لهذا للكتاب الذي نقل عنه على فرض أنه نقل فصوله من كتابنا هذا. ومن المحتمل أن يكون البرهان قد نسب