الناقلين عن اللغات الأجنبية بلا فهم لدقائقها ولا تمكن من لغتهم الأصيلة بأبيات جاء قيها:
من كل ألكن نابع في عبه ... لهج بدعوى العلم وهو جهول
ويكاد يرشح عقله أمية ... حتى عليه يشكل التشكيل
إن رام شعرا لم يقم ميزانه ... ورويه قيد عليه ثقيل
أو رام نثرا عي دون مراده ... لفظ يطول وما به معقول
وإذا يترجم كان في تعقيده ... قبر به المعنى البريء قتيل
لا نجحد الغربي سحر بيانه ... لكن سوء النقل عنه يحيل
سفراء سوء باعدت ما بيننا ... ولربما جلب الشقاء رسول
كان طبيعيا أن يتجلى ظرفه أكثر من هذا في ألوان الشعر الأخرى حيث تتسع الفرصة للتهكم والسخرية.
أذكر أنه أراد ذات مساء أن يعتذر تلفونيا عن موعد هام واتفق أن ظل التلفون مشغولا بأحد الثقلاء اكثر من نصف ساعة. . . إذ ذاك نظم قصيدته (المسرة) التي يقول له فيها:
فجد في أذنها أو أهزل ... وقل ثناء بها وثلبا. . .
فلا تراها تسد أذنا ... مهما تطول لو قرأت كتبا
وكم ثقيل الحديث لولا ... جمودها أوسعته سبا
تكاد مما يطيل فيها ... تفر مما دعا ولى
فيالها آلة تربى ... ذا الجهل ممن بالذوق يربى
وذات ليلة دعاه أحد أصدقائه لسماع مغن وكان - كالمنتظر - سقيم الصوت، فنظم بهذه المناسبة أبياته المشهورة التي يقول له فيها:
حمار لا يمل من النهيق ... يضيق به التجلد أي ضيق
مغن يجلب السلوى ويفنى ... بقايا الشوق في قلب المشوق
منى الوتار لو أمست سياطا ... يصب بها على الجلد الصفيق
بطانته - حماك الله - رهط ... كأن صياحهم جرس الحريق
وكانت ليلة يا ليت أني ... دفعت بها لقطاع الطريق
جزى الله المغني كل خير ... عرفت به عدوي من صديقي