إلى غير ذلك من النوادر التي لا حصر لها.
الزين والمجتمع:
كان معظم الناس عنده (خلائق) لا يرتفعون عند حسن ظنه. وكان يقسمهم إلى أقسام عجيبة في دلالاتها: (بلاوي - حميد الضفات - علامة - سبع)!
فكل (باشكاتب) يجلس في الأماكن العامة متحليا بخاتم ثمين وساعة ذهبية وياقة منشاة و (يحشر) نفسه في الأدب والفن دون دراية فهو (بلاوي)!
وكل (مخلوق) حلو الشمائل وديع الصوت سليم الطوية ولكن لا علاقة له بالأدب فهو (حميد الصفات)!
وكل أديب يعرف من أين تؤكل الكتف فينتسب - بالإلحاح - إلى جريدة كبيرة أو يتقرب - بالزلفى - إلى عظيم أو وزير ويصل من وراء ذلك إلى ما يبتغيه فهو (علامة)!
وكل أديب لا تعدو وظيفته أن تكون من الدرجة السادسة أو أقل فهو (سبع)!
وغرضه من ذلك وصف الأديب بالقدرة على البطش والقناعة مع هذا (بلقمة العيش). .
ولا غرو فقد كان رحمه الله (سبعا كبيرا) أي موظفا باليومية لولا أن أسعفه قرار (الإنصاف) ثم (التنسيق) فرقي في آخر شهر من حياته إلى الدرجة الخامسة.
الزين والأدباء:
وكانت علاقته بمعظم المحدثين من الأدباء مضطربة لصراحته في إبداء رأيه في أدبهم، بل إنه كان يكره أحيانا أن يستمع إلى شعرهم الذي كان يصفه بقوله:
عناوين كالألغاز حيرت النهى ... وما تحتها معنى يلذ لطالب
هم جدري الشعر آذوا جماله ... بما ألصقوا في حسنه من معايب
وكم دافعوا عن مذهب العجز جهدهم ... فما غسلوا أسواء تلك المذاهب
وكم ملئوا بالزهر والنهر شعرهم ... بلا طيب مستاف ولاري شارب
وكم يذكرون اللأيك والطير صدحا ... عليها فلم نسمع سوى صوت ناعب
وكم هاتف بالخلد منهم وشعره ... توقى سقطا قبل عقد العصائب
وشاك أداة الخب أطفأ جمره ... بشعر كبرد الثلج جم المثالب