لا بد من تقليم أفرعها، كي لا تطول مُصعِدَة، وينتج عن هذا خروج أفرع جديدة من جوانب الأفرع المقلمة، أفرع تكتسي كلها بالورق فيكثر المحصول من الأوراق. وبعد قطف الأوراق تنشَّر على حصر لتجف وتذبل، ثم تدرج وتبرم باليد في ضغط على أسطح من الخشب، والقصد من ذلك تكسير الخلايا لتجود بزيتها العطري، فتطيب رائحته. ويعقب ذلك عملية الاختمار فتعرض الأوراق لدرجة حرارة تتراوح بين ٣٥، ٤٠ درجة مئوية، فتتحول من اللون الأخضر إلى الأصفر، ثم يقتم لونها إقتماما، وذلك بسبب الخمائر التي فيها، فهي تؤكسد بعض حامض التنيك الذي بالورق، فتستحيل إلى مادة ذات لون قاتم تكسب الشاي لونه المألوف. وعملية الاختمار هذه من الأهمية بالمكان الأول، وعلى إجادتها تتوقف جودة الشاي.
أما الشاي ذو اللون الأخضر الذي يباع في الأسواق فيحضر بطريقة كطريقة الشاي الأسود الآنفة، غير انه يحمص قبل تخميره في أوعية تسخن بالغاز تسخيناً هيناً، وهذا التسخين يقتل بعض تلك الخماير التي كانت سبباً في أكسدة حامض التنيك، وفي إحداث اللون القاتم، فإذا تخمرت الأوراق بعد ذلك، قامت بالتخمير بقية الخمائر التي لم يقتلها التسخين، ولهذا يظل الشاي حافظاً لشيء من إخضراره الأول وانفتاح لونه.
والشاي يحتوي مواد كيميائية كثيرة، أهمها ثلاثة أصول: أولها الزيت الطيار، وهو الذي يكسب الشاي نكهة تصعد إلى أنف شاربه فتجد منها السبيل إلى قلبه ونفسه. ومقدار هذا الزيت بالغ في القلة، ولعله لو زاد لما طاب الشاي شرابا. وثانيهما حامض التنِّيك، ويسمى التنِّين كذلك؛ وهو مادة صلبة سحيقة بين البياض والسمرة تذوب في الماء. ويبلغ مقدار التنين في الشاي على العادة من ١٠ إلى ١٧ في المائة من وزن الأوراق. والتنين قابض شديد، تعرف أثره في لسانك إذا تذوَّقته. وسبب قبضه انه يرسِّب الزلال والمخاط اللذين باللسان والفم، وبأغشية الجسم الأخرى كالتي تتبطَّن بها القناة الهضمية من معدة وأمعاء. فتجف تلك الأغشية وتنقبض وتقل إفرازاتها. ولذلك كان التنين دواء للإسهال، ودواء للالتهابات التي تعتري القناة الهضمية. فانه فضلا عن تقليل الإفرازات، فإن الراسب الذي يحدثه عند التقائه بمخاط جدران الأمعاء الملتهبة، يقي هذه الجدران مس الطعام في سيره واحتكاكها بما فيه من بقايا خشنة مؤذية. ويستخدم التنين دواء للثة الدامية، وفي التهاب