للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ثم لندع هذا وندخل في صميم المسألة الرئيسية في الإذاعة، وهي اختيار الأكفاء، فيفهم من كلام المدير أن إذاعتنا ينقصها الأكفاء، وهو مهتم بسد هذا النقص تطبيقا لما إستفاده من الرحلة. . وإن أريد إلا مصلحة إذاعتنا التي نرجوها لخير البلاد.

يشرف على تنظيم الإذاعة ثلاثة، هم المدير العام، والمراقب العام، والمراقب المساعد؛ أما المدير العام فهو من رجال التعليم قضى دهرا في وظائف التدريس ومناصب التربية عرف في خلاله بالخلق والكفاية، ولم تعرف له مشاركة ولا إنتاج في الأدب والفنون ولا ملابسة لشيء مما يتصل بالإذاعة التي تولى إدارتها أخيراً.

وأما المراقب العام فهو ذو ثقافة تجارية متوسطة، نشأ في محطة الإذاعة موظفا كتابيا صغيراً، وقد وصل مرتبه أخيرا إلى حوالي سبعين جنيها. وكان يحاول أحيانا أن يعزز مكانه ببعض نشاط إذاعي لم يوفق فيه بمقدار ما وفق في التقريب من الرؤساء.

وأما المراقب المساعد فهو من إخواننا الشعراء، يقول الشعر على نحو يسرح به مع عرائس الخيال ويبعده عن التمرس بفنون الإذاعة واداتها، ويشكو الأدباء المتصلون بالإذاعة من بعض تصرفاته.

أولئك هم أساطين الإذاعة المصرية الذين يشرفون على تنظيمها ويوجهون دفنها، وأنا لا أغمط أقدارهم، وإنما أقول - بعد أن بينت من صفاتهم - إنه حين ينظر في (المسألة الرئيسية) للإذاعة يجب أن يشملهم النظر. . فلا ينبغي أن تظل الإذاعة في مصر محرومة من كفايات أبنائها متخلفة عن نواحي النهوض فيها؛ وهذه وسائل الاتصال الثقافي والفني بالجمهورية في مصر قد ارتقت وتقدمت تقدماً كبيرا جذب إليها أنظار الشقيقات العربيات، وأصبحت فهيا مثلا تحتذى؛ وذلك على عكس الإذاعة فان الإذاعات العربية الأخرى أرشد من إذاعتنا، وما أحوجنا إلى احتذائها في كثير.

ومما يدعو إلى الأسف أن الإذاعة المصرية على تلك الحال ومصر تزخر بالعناصر والجهود الفكرية والفنية التي لم يتح للإذاعة إلى الآن أن تستفيد منها، لا في تنظيم الإدارة ولا في استغلال المواهب. ومما يضاعف الأسف أن ذلك واقع مع أهمية الإذاعة وبعد أثرها، باعتبارها أوسع أدوات التثقيف والإمتاع الفني انتشارا، وأقدرها على التنويع في تقديم الإنتاج، وأيسرها منالا للجمهور.

<<  <  ج:
ص:  >  >>