يسلكوا على نحو ما سلكوه مع هتلر ومع غير هتلر ممن تعاقبوا على الزعامة في التاريخ الألماني.
هذه العبادة هي مزيج من العقل والعاطفة، وهي المسؤولة عن هذه الولاء الشديد، هذا التفاني في المطاوعة والامتثال والتي تتأصل في الخلق الألماني.
فأدريان فنان مترفع - يعلم مقدار عبقريته وينزع إلى الغلظة والشراسة بفضل هذا العلم، وذلك لأنه تواق لأن يوفي هذه العبقرية الفنية حقها لا أن يجاري المعجبين.
وأدريان رجل يعيش في المجتمع ولكنه لا يتقيد به؛ ذلك لأنه نذر نفسه لأن يخدم هذه العبقرية وأن يوفي الفن حقه في الإنتاج والإبداع. فألقى في نفس أدريان أن يحل الإبداع إلى أبعد ما يستطيعه الخيال. وهذا الوضع الذي صاغ فيه توماس بطله أدريان وهو وضع العقلية الألمانية التي تميل إلى العزلة عن المجتمع الإنساني لأنها فخورة بهذا العمق الثقافي وهذه المهارة المادية، ولأنها تود أن تستغل هذا العمق وهذه المهارة لأنها تعتقد بأن البروز والتجلي يستلزمان واجبات للمضي قدماً في إعلاء هذا البروز وهذا التجلي.
ولك أن تفسر النداء الهتلري (ألمانيا فوق الجميع) بأنه خلاصة لهذا الاتجاه العقلي لدى الألمان لدى الألمان صبغ في لغة شعبية.
استمع إلى أدريان يحدث صديقه المدرس (راوي القصة) عن حرب ألمانيا الأولى (١٩١٤) ويدافع عنها بأنها الوسيلة الوحيدة لألمانيا لأن تحقيق ما هي خليقة به بحكم كيانها ومقوماتها العقلية والنفسانية والمادية:
(إن في قرار العالم مشكلة واحدة، وهذه المشكلة هي العالم نفسه، كيف يمكن للمرء أن ينفذ منه؟ وكيف يخرج منها إلى الفضاء؟ ما السبيل للمرء أن يشق الغشاء ويخرج إلى النور كالفراشة؟).
والجواب عن كل هذا راسخ في عقل أدريان ومستمد منه. فلم يشأ توماس مان أن يصيغ الجواب في شيء أقل عنفاً من مرض الزهري الخبيث.
فأدريان على ترفعه وعمق ثقافته وعبقريته أحب عاهرة نقلت إليه المرض. كانت الشيطان يزين له الخروج من محنته فآمن بها وتمتع ووجد مخرجاً ولكن إلى حين - وبثمن باهظ. استمع إلى أدريان يقول: