العربية عبد الله بن المقفع أول من سن هذه السنة الحسنة لمن جاء بعده من الأدباء والقصاصين في كتابه (كليلة ودمنة) غير أن ابن عربشاه كان مبتكراً في صلب القصص ومتن الحكايات. وقسم الكتاب إلى عشرة أبواب في كل منها قصة طويلة يستطرد خلالها إلى قصص جزئية أخرى. ومن أبوابها - على سبيل المثال - باب في نوادر ملك السباع ونديميه أمير الثعالب وكبير الضباع. . .
وقد جمع ابن عربشاه في أسلوب قصصه بين طريقة ابن المقفع وطريقة كتاب المقامات وبخاصة الهمذاني والحريري.
فابن المقفع ابتدع - شخصية (دبشليم) الملك أحد ملوك الهند، يجلس في محفله ويطلب إلى شخصية أخرى هي (بيدبا) الفيلسوف أن يحدثه ويضرب له الأمثال، فيحدثه بيدبا ويقص قصصه على ألسنة الحيوان. وكذلك فعل ابن عربشاه فإنه افترض ملكاً عظيماً يحدثه رجل حكيم. ولكن بفارق يسير. ذلك أن الملك والحكيم كليهما أخوان لأب واحد كان من قبلهما ملكاً عظيماً خلف أبناء خمسة. وملك من بعده كبيرهم هذا وعاش الأربعة تحت ظله في وئام وطاعة، حتى عصفت بينهم ريح الشقاق والخلف. فتنافرت القلوب وتجافت النفوس وتفرقت الأهواء، فهال الأمر أصغرهم واسمه (حسيب) وكان حكيماً فيلسوفاً زاهداً. ولك يتركه أهل النم والوقيعة حتى أفسدوا ما بينه وبين أخيه الملك. فجمعه الملك في حفل من أعيان دولته، وأخذ يستطلع علمه وحكمته رغبة في التشهير به وتسفيهه. ففاض بينهم بحكمه وأمثاله، وساق قصصه على ألسنة الحيوان، وتكرر الحفل وتعدد القص، حتى اعترف له الجمع بالفضل والنبل.