هذه هي العوامل الأربعة اللازمة للذاكرة حتى تؤدي وظيفتها وسنشرح فيما يلي كل عامل على حدته:
١ - تثبيت الذكريات: إذا عرضنا أمام ناظر الطفل بعض الأشياء أو الصور أو روينا له حكاية بسيطة مسلية وطلبنا منه بعد حين قصير أن يصف لنا ما شاهده أو يقص علينا ما سمعه تبين لنا أن قوة التثبيت ضعيفة عنده كما أن الماديات تكون أثبت في ذاكرته من المعنويات وأنها تعتمد كل الاعتماد على الحس.
٢ - بقاء الذكريات: يكون عنده بطريقة غير متساوية من حيث المدة فقد ينسى ما تقصه عليه منذ ساعات قلائل ثم يتذكره بعد مضي بعض الوقت كما أن بقاء الذكريات يكون مرهوناً بغريزة تمركز اهتمام الطفل حول نفسه ويبدو الطفل هنا أنانياً مغرضاً كما هو الواقع بدليل أن الأشياء التي تهمه دون غيره أو يرى فيها إرضاء لرغبته تكون أبقى في ذاكرته وإن كان هذا البقاء نفسه قصير الأمد، ولكنه عند الأطفال يخضع لسلطان (الوعي) بخلاف الحال عند الكبار إذ يكون بقاء الذكريات عن عمل (اللاوعي).
٣ - مكان الذكريات: ونقصد بذلك المكان الذي تحتله بالنسبة لزمن حدوثها وتتابعها وفقاً لدرجة أسبقيتها، وفي هذه الحالة يتضح لنا ضعف ذاكرة الطفل لأنه يجهل فكرة (الزمن) ومن هنا يتعذر عليه ترتيب الذكريات ومن هنا كان لغطه وخلطه للحوادث، ولا ينتظم ترتيب ذكريات الطفل وإحلالها المكان اللائق لها إلا ما بين العام السابع والحادي عشر من عمره إذ يكون وقتئذ قد كون فكرة عن الزمن.
٤ - استدعاء الذكريات: هو نوع من الاجترار لما يختزنه مستودع الذاكرة إذ يتسنى للكبار أن يستدعوا ذكرياتهم، وقد تسعفهم في كثير من الأحيان لأنه في استطاعتهم أن يوجهوا تفكيرهم في ناحية خاصة ويتحكموا فيه بخلاف الحال عند الأطفال إذ يكون بطريقة تلقائية غير إرادية كالببغاء وهذا ما يحدث عند الطفل ما بين سن الثانية إلى الخامسة وهو ما نشاهده عند الأطفال حينما يسمعون قطعة من المحفوظات فيكون إلقاؤهم لها بصوت على وتيرة واحدة لا تتغير نبراته بطريقة حرفية تلقائية خالية من الفهم والوعي لما يلقونه.