للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

برسباي) لبهاء الدين الباعوني (٩١٠هـ) وهي أرجوزة في ٥٥٧ بيتاً. والجوهرة في سيرة المؤيد شيخ نظمها بدر الدين العيني (٨٥٥هـ). والعجيب أن ترى هذه النزعة القصصية لدى الزجالين، وقد نوهنا بذلك في مقالنا عن الزجل والزجالين وأشرنا إلى جهود القيم خلف الغباري، والقيم بدر الدين الزيتوني.

أما الشعر التمثيلي فليس له وجود بالمعنى الذي نفهمه في العصر الحديث أو عنه في العصور القديمة في الآداب الأجنبية. غير أن بعض أدبائنا عثروا عن كتاب (طيف الخيال) لمؤلفه الشاعر الناثر الماجن الطبيب شمس الدين بن دانيال الموصلي (٧١٠هـ) الذي كان يعيش بالقاهرة، وقد تصفحنا هذا الكتاب في دار الكتب المصرية. وهو مطبوع في أوربا وبه مقدمات مكتوبة بالألمانية. ولعل المطبوع منه قسم من المؤلف الأصيل. ونستطيع القول إنه عبارة عن مقامة تمثيلية طويلة يصف فيها المؤلف لعبة (خيال الظل). وينطق فيها أبطال التمثيل على مسرح أمام النظارة، خلف ستار يضاء بالشمع. أما الأبطال فشخوص متعددة منها ما يمثل آدميين، وما يمثل حيوانات. ومن الآدميين: الريس، وطيف الخيال وهو شخص أحدب، وحويش الحاوي، وعسيله المعاجيني، ونباتة العشاب. . . الخ ومن الحيوانات. الأسد والدب. . . الخ. ولكل من هؤلاء جميعاً دور يؤديه وحديث يلقيه. يتقدم فيحدث ويحدث ويحاور ثم يتوارى ويترك الميدان لغيره، وهكذا دواليك. ويتخلل الحوار المنثور أبيات وأغاني وأناشيد عدة. والقطعة المطبوعة من طيف الخيال تتألف من جملة فصول أو مناظر، لكل منها حديث وحوار. واعتقادنا أن ما أورده أبن دنيال في طيف خياله هذا، ما هو إلا نمط من أنماط عدة كثيرة، ورواية من روايات مختلفة كانت تمثل بين الناس في تلك العصور الخالية للهو والتسلية والعظة والاعتبار؛ فالكتاب على ما فيه من مجون وفكاهة فيه أيضاً مثل وحكمة. وعلى أية حالة فهو يومي إلى أن التمثيل المسرحي والرواية التمثيلية والشعر التمثيلي كانت كلها تدور في مخيلات القوم في ذاك الزمن السحيق، ولو إلى حد ما.

ولا يتسع حديث واحد كحديثنا اليوم لاستيعاب القول عن مظاهر القصة في العصر المملوكي. فكل مظهر منها يحتاج إلى دراسة، فلعلنا - أو لعل غيرنا - يعود إليها في فرصة أخرى.

<<  <  ج:
ص:  >  >>