وحاور وجادل. فتحدث الورد أولاً ثم النرجس فالياسمين فالبان فالنسرين فالبنفسج فالنيلوفر فالريحان، ورشح كل منها نفسه وزكاها ببيان أوصافها وذكر مزاياها. . . ثم أسلم الجميع للريحان وخضعوا لسلطانه.
وعلى نمط مقامته الوردية دمج عدة مقامات أخرى وصف فيها أنواعاً من الثمار أو الأحجار الكريمة أو نحو ذلك مثل المقامة (المسكية) و (التفاحة).
ومن أطراف مقامات السيوطي مقامته (رشف الزلال من السحر الحلال) وتسمى أيضاً (مقامة النساء) وقد وصف فيها عشرون عالماً في فنون مختلفة - ما بين نحوي ومفسر وفقيه وأصولي. . . الخ - ما جرى لكل منهم بينه وبين عرسه ليلة دخوله. . . دوري كل منهم في حديثه بمصطلحات علمه وفنه. . .
وعلى نمط المقامات تعددت وتنوعت مظاهر القصة الأخرى من رسائل ومحاورات وموازنات ومفاخرات كالموازنة بين النار والتراب، والمفاخرة بين السيف والقلم.
أما سير الأبطال وتراجم الرجال فما أكثرها في هذا العصر وما أجلها وأعظم شأنها، غير أنها أقرب إلى النزعة التاريخية منها إلى النزعة الدبية. ومن بينها موسوعات ضخمة، ومن بينها تراجم فردية مستقلة. ومن أمثلة الأخيرة وهي التي تقص سيرة رجل واحد، كتاب (عجائب المقدور في أخبار تيمور) لشهاب الدين بن عريشاه (٨٥٤هـ) الذي أشرنا إليه من قبل. و (التأليف الطاهر في شيم الملك الظاهر) وهي سيرة السلطان جقمق كتبها ابن عريشاه أيضاً. وكتاب (تاريخ الناصر بن قلاوون) لمؤلفه شمس الدين الشجاعي و (ترجمة الأوزاعي) لابن حجر العسقلاني (٨٥٤هـ) و (سيرة نور الدين زنكي) لبدر الدين بن الشهيد الدمشقي كتبه عام (٨٧٤هـ). وغير هذه المؤلفات كثير.
وقبل أن نختم هذا المقال نحب أن ننوه بشيئين هما من القصة بسبيل: أحدهما الشعر القصصي، والثاني الشعر التمثيلي وهما من الأدب العربي - إلى عهد قريب - نادران. ومن العجيب أن ترى في العصر المملوكي نشاطاً من القراء في ميدان القص، وقد نوهنا في مقالتنا عن (البردة) عن مجهود أصحاب البديعيات، وعن أدباء البردة الذين عارضوها، ومنظوماتهم عبارة عن قصة الرسول عليه الصلاة والسلام. وللشعراء في غيرها جهود محمودة، فمن منظوماتهم (سيرة بيبرس) لمحي الدين بن عبد الظاهر (٦٩٢هـ) و (سيرة