للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأسلوب والجدة في الأداء؛ صفات تستهويك حين تطالع فصول الكتاب فتكسبه عند عامة القراء قوة على إبلاغ الرأي الذي يراه المؤلف إلى ذهن القارئ في يسر وإمتاع.

وعندما يتحدث الدكتور زريق عن (معنى النكبة) التي حلت بالعرب في قضية فلسطين، يقول شيئاً يجد القارئ العادي صعوبة في إدراكه، ولكنه صحيح وإن كان مطبوعاً بالطابع النظري المحض. فالدكتور يقول: أن النكبة تقاس بمقدار تأثيرها في نفسية الشعب العربي. فإن هي أرهقت هذه النفسية وشلت قدرتها على الصمود في وجه التعسف والإغراء، وإن هي مكنت لقوى الرجعية العربية من السيطرة انهزمت أمام هذه القوى، وإن هي لم تثر مواطن الضعف ولم تحتفظ بعناصر القوة فقد وقعت كنكبة، وإن كان الأمر على العكس من ذلك فلم يرهق النفس العربية ولم تشل قدرتها على الصمود في وجه الظلم ولم تهن أمام قوى الرجعية والإغراء، عادت وكأنها ليست نكبة وإنما كانت مناسبة لتنقية جوهر الأمة العربية وبلورة كيانها. وهذا مله صحيح وإن لم أشعر أن المؤلف الكريم وفق كل مرة إلى وصف الطريقة التي تمكننا من أن نصمد لما حل بنا، وأن تخرج منه بعبرة للمستقبل بحيث يخرج كما قال (من العسر يسر ومن النكبة بذور ظفر) وسأبين ذلك عن قريب، لأنني أحب في هذه اللحظة أن أتحدث عن أهم ما تناوله الكتاب، وأهم ما جاء به في نظري هو الحل الذي يراه للنكبة التي وقعت بفلسطين، وهو يقسم الحل إلى قسمين: أحدهما (المعالجة القريبة) والآخر (الحل الأساسي) وكلا الموضوعين هام تطالعه في شغف وسرعة وهو يرى أن المعالجة القريبة تقوم على أركان خمسة: هي تقوية الإحساس بالخطر، وتجنيد قوى الأمة الحربية بكاملها وتحقيق أكبر قسط من التوحيد الممكن بين الدول العربية في ميادين الحرب والسياسة والاقتصاد وسواها. والركن الرابع هو إشراك القوى الشعبية في النضال، أي لا يقتصر الجهاد على الحكومات والجيوش النظامية، والركن الخامس في الجهاد العربي لحفظ فلسطين هو استعداد العربي للمساومة، وللتضحية ببعض المصالح لدرء الخطر الأكبر.

هذه هي الأركان الخمسة عند الدكتور زريق للمعالجة القريبة لقضية فلسطين، وهو يشرح كل واحد من هذه الأركان شرحاً وافياً لا مجال للخوض فيه ههنا، وأنا أثق على كل حال أن القارئ الكريم سيعرف شيئاً من المقصود بهذه الأركان من مجرد ذكر عناوينها، وذلك

<<  <  ج:
ص:  >  >>