للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لثقافة الناس العامة الآن بقضية فلسطين وبقضايا بلادهم. ولا أتعرض لأي واحد من هذه الأركان اللهم إلا لركن المساومة السياسية هذه، التي يتحدث عنها الدكتور، على أساس موجب أشد الوجوب للنقد، وسأوضح لك ذلك عما قريب.

أما المعالجة البعيدة لقضية فلسطين، أو الحل الأساسي فيتطلب عند المؤلف (حرباً مديدة الأفق بعيدة الأجل) وتبدلاً (أساسياً في الوضع العربي، وانقلاباً تاماً في أساليب تفكيرنا وعملنا وحياتنا بكاملها) أنه يتطلب (كياناً عربياً قومياً متحداً تقدمياً) (وإنشاء هذا الكيان هو الركن الأول للجهاد العربي البعيد) ثم يمضي الأستاذ فيشرح كل واحدة من هذه الصفات التي يجب أن يتصف بها الكيان العربي. وهو يلاحظ أثناء هذا الشرح أن أساليب تفكيرنا ما تزال عتيقة وأننا لا نساير الزمن فنأخذ مما في الحضارات الإنسانية من قيم عقلية وروحية.

ولو أردنا تقريب الحل لقضية فلسطين من أذهان القارئ الكريم لقلنا إن الدكتور زريق يضع أركاناً خمسة لكل من الحلين القريب والبعيد لقضية فلسطين. ومجموع ما يريد من كلا الحلين يتلخص في خلق أمة عربية على طراز الأمم الغربية. ويشمل ذلك القوة العسكرية والقوة العلمية والخلقية والاقتصادية وبعض هذه القوى يحتاج إنشاؤه إلى زمن طويل. والذي أراه أن أعجل ما يمكن أن يأتي بنتيجة من آراء الدكتور هو ما أسماه (المساومة) فالواقع أن هذا سلاح ماض جداً في أيدي العرب إذا سددوه إلى ناحية أصاب الهدف وأصمى.

فالعرب يشبهون في حالهم السياسي الحاضر وضع اليهود بين حزبي الجمهوريين والديمقراطيين في أمريكا أو وضع حزب الأحرار بين حزبي العمال والمحافظين في بريطانيا - فإذا مالوا بثقلهم مهما هان شأنه على ناحية من ناحيتي الكتلتين العالميتين اليوم، رجحت كفته بثقلهم وأنتصر على خصمه. وهذا السلاح الماضي لا يقتضي إلا اتفاق الرأي بين العرب في جميع أقطارهم على الناحية التي يرجحونها. وهم غير مضطرين حين يرجحون كف أن يظلوا على موقفهم زمناً طويلاً. بل الواجب يقضي أن يعدلوا موقفهم بحسب الظروف تعديلاً ملائم مصلحتهم كأمة. وهذا السلاح الماضي من أسلحة المعالجة القريبة يستطيع العرب أن يفيدوا منه منذ الآن، أنه لا يحتاج إلى مثل ما تحتاج إليه

<<  <  ج:
ص:  >  >>