يسبق إليها، وبذلك أنه كان يخبز كل ليلة أثنى عشر ألف رغيف، فإذا أصبح جلس على باب الموضع الذي فيه حشر الفقراء. . . فما يزال قاعداً حتى يفرق الألوف على الألوف.
وكان هذا دأبه في هذا الغلاء، حتى هب رخاء الرخاء، فحينئذ تنوعت صدقاته، واستغرقت بالصلاة أوقاته؛ وكان بهي الشيب، نقي الحبيب، قد جعل الله البركة في عمره، وخصه مدة حياته بإمرار أمره، فأنجده في أوان ضعفه بتضعيف بره). وكان هذا الكرم مثار إعجاب الشعراء كذلك فمدحه ابن الذروى بقوله:
لئن كنت من ذا البحر يا لؤلؤ العلا ... نتجت، فإن الجود فيك وفيه
وإن لم تكن منه لأجل مذاقه ... فإنك من بحر السماح أخيه
وفي اليوم التاسع من جمادى الآخرة سنة ٥٩٦ وارت مصر التراب بطلاً من أبطالها، وقائداً من أبرع قوادها، قال عنه العماد وهو يؤرخ وفاته:
كان في الأيام الصلاحية أشجع الشجعان، وأفرس الفرسان، وله مقامات في الغزاة، ومواقف مع العداة.