للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأسارى فقد ظهروا على عورة الإسلام وكشفوها، وتطرقوا بلاد القبلة وتطوفوها. . . ولابد من تطهير الأرض من أرجاسهم، والهواء من أنفاسهم، بحيث لا يعود منهم بخبر يدل على عورات المسلمين).

وأرسل صلاح الدين بنبأ هذا النصر إلى بغداد، وانتهى الأمر بقتل الأسرى، وتولى قتلهم الصوفية والفقهاء وأرباب الديانة.

خلدت هذه المعركة ذكرى بطلها، وأقبل الشعراء يشيدون بذكره ويمجدون جهاده، فأنشأ أبو الحسن بن الذروى أشعاراً كثيرة يمدحه بها، منها قوله يصف أسرى المعركة:

مر يوم من الزمان عجيب ... كاد يبدي فيه السرور الجماد

إذا أتى الحاجب الأجل بأسرى ... قرنتهم في طيها الأصفاد

بجمال كأنهن جبال ... وعلوج كأنهم أطواد

قلت بعد التفكير لما تبدى ... هكذا هكذا يكون الجهاد

حبذا لؤلؤ يصيد الأعادي ... وسواه من اللآلئ يصاد

وقوله يصف هذا الجهاد:

يا حاجب المجد الذي ماله ... ليس عليه في الندى حجبه

ومن دعوه لؤلؤاً عندما=صحت من البحر له نسبه

لله ما تعمل من صالح ... فيه وما تظهر من حسبه

كفيت أهل الحرمين العدا ... وذدت عن أحمد والكعبه

كما قال فيه الرضي بن أبي حصينة المصري يخاطب الفرنج:

عدوكم لؤلؤ والبحر مسكنه ... والدر في البحر لا يخشى من الغير

فأمر حسامك أن يحظى بنحرهم ... فالدر مذ كان منسوب إلى النحر

ويظهر أن صلاح الدين والعادل قد أغرقا العطاء على القائد المقدام فأثرى ثراء ضخماً.

غير أنه لم يشأ أن يستأثر وحده بهذا الثراء، فإنه بعد أن زوج بناته، وكن أربعاً وجهزهن بجهاز كاف، وأعطى ابنيه ما يكفيهما، شرع يتصدق بما يبقى معه على الفقراء، قال العماد الكاتب: ومن دلائل سماحه ما شاهدته بالقاهرة، في سنة إحدى وتسعين من مبراته الظاهرة، إنه لما حط القحط رحله). . . وتم الغلا، وعم البلاد، ابتكر هذا الحاجب الكبير مكرمة لم

<<  <  ج:
ص:  >  >>