وإذا كان الصهيونيون يحاولون أن يسرقوا ويغصبوا ديارنا، لأنهم يدركون أهميتها وقيمتها المادية والمعنوية لهم، فأولى بنا، ونحن وارثوها والمالكون لها، أن يكون دفاعنا عنها أضعاف هجومهم عليها!
أجل. . . أولى بصاحب الدار أن يقاتل أضعاف قتال اللص، فلا يكون اللص أعرف منه وأكثر تقديرا لممتلكاته وأشد حرصا على افتدائها. وإذا كان هذا المعقول والواجب في الدفاع عن دار ومتاع خاص، فإنه أكثر وجوبا في الدفاع عن الأوطان والمقدسات والحرمات. واليهود يدفعون دمائهم وأموالهم وجهودهم راضين مغتبطين، لأنهم يشترون بها وطنا وأملا وتاريخا مزورا مفقودا، منذ ألفي سنة، فأولى بنا ونحن نملك الوطن والأمل والتاريخ ألا نضيعه، وإلا كنا غير جديرين به ولا بالحياة. ومعاذ العرب أن يرضوا لأنفسهم وأمجادهم أن تفنى، ولكرامتهم أن تهان على هذه الصورة وعلى رؤوس الأشهاد في أشد قضايا التاريخ ظلما وبهتانا!
وإن الجامعة العربية لتهيب بالشعوب العربية وتنادي كل فرد عربي أن يجند نفسه ويثير جميع قوى الكفاح التي ترسب خمائرها في دمه للدفاع عن مثله العليا وأوطانه وكرامته، وهو الذي لا ينام على ثأر ولا يرضى بضيم، فما بالهين على العربي أن يرضى لكرامة شعوبه ودوله السبع أن تداس في مجتمع الدول لإرضاء طغمة من الإرهابيين أعداء البشر بإقامة دولة ملفقة لهم في أعز بقاعه عليه وفي مهد المسيح الذي عبد قلوب البشر للسلام، وكانت دعوته وروحانيته وحياته كلها ردا على مثل اليهود وأخلاق اليهود ومادية اليهود، الذين يريدون أن يقيموا دولتهم على أرض مهده، بعد أن طردت روحه منها (رأس الأفعى اليهودية) وشردتها.
وإن لدى العرب الآن من قوى معنوية ومادية راهنة، تتزايد على مر الأيام، لكفيلة إذا صمم العرب وتيقظوا وعملوا، أن تحطم هذه الأفعى، مهما تألبت لنصرتها قوى الشر والظلم، وإن أصوات شعوب العرب وساستهم ورجال حكوماتهم قد أصبحت كلها تتنادى في كل قطر بوجوب استئناف الكفاح في الميادين كلها وتعبئة القوى جميعها. وقد تساوى رأي المتطرفين والمعتدلين في البلاد العربية في وجوب أخذ الأمر باليقظة والعمل الدائم والكفاح المستمر، بعد أن تكشفت الرغوة عن الصريح في سياسة الأمم المتحدة!