للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

سمومها في الظلام!

لقد اجتهد عبد الله في تحديد قوانين الصداقة والسمو بها إلى أفق ملائكي تهب فيه النسمات العاطرة، ولكنه اصطدم بغرائز دنيئة تدعو إلى الهبوط في وهدات مظلمة منتنة، فلم يجد بداً من محاربتها محاربة صارمة حتى يهيئ لمثله العليا أن ترفرف في جوها الرفيع، ولقد مات الكاتب وترك من أقواله في الصداقة ظلا وارفا يفيء إليه المخلصون، فيأكلون من ثمره الحلو، ويستنشقون نسيمه المنعش في لذة وارتياح.

حسب ابن المقفع وفاء أن تتقطع أحشاؤه شوقا إلى أصدقائه، وأن يأرق في حنادس الظلام ليسائل البرق الخاطف عن أصفيائه الأعزة، ثم يعمد إلى قلمه الرشيق فتسجل عواطفه الجياشة الموارة، في سطور عبقة يتضوع أريجها مدى الأحقاب المتتاليات!

أي نابغة الفرس العظيم، لقد دعوت إلى مكارم الأخلاق في دنيا وضيعة دنيئة، وناديت بالوفاء في معشر جبلوا على الخيانة والغدر، فهنيئا لك كفاحك المرير في حومة الشرف، وجهادك الشاق في ساحة النبل والوفاء.

فقل للذي يبغي مداه منافساً ... طمعت لعمر الله في غير مطمعِ

(جزيرة الروضة)

محمد رجب البيومي

<<  <  ج:
ص:  >  >>