وخذ مهزلة التعاون الثقافي. كأن الثقافة صرف ونحو وترجمة. ليس للجامعة العربية نشرة واحدة محترمة تحمل رمز هذا التعاون ورسم المناهج له، وليس لها وسيلة واحدة في وسائل المواصلات الفكرية لتنقل إلى بيروت وبغداد أنباء البحث ونجد والكويت، والصحف العربية لا تزال فريسة الدعاية الأجنبية الخبيثة عن طرق وكالات الأنباء الأجنبية حتى فيما يتعلق بالشؤون العربية الصرفة. وكم من بلبلة أوجدتها هذه الوكالات في الحياة العربية الداخلية بوسائلها الخبيثة. وشكراً لمصر التي تكاد تحتكر الإنتاج الفكري والصحفي فتؤلف نوعاً مشوهاً من الوحدة في الاتجاهات الفكرية والعاطفية، مشوهاً لأنه يفقد عناصر التوجيه القومي المنظم الذي يجب أن يقع عبثه على الدوائر المختصة في الجامعة العربية. وفي نشاط جامعة الحلف الأمريكي (الولايات المتحدة وجاراتها اللاتينية الجنوبية) في هذا المضمار دروس وخبرة تصلح للاقتباس والقدوة المفيدة. وبعد، فهذه وغيرها من أوجه العجز لا تنفي مطلقا متانة المبادئ التي تدفع العرب إلى الوحدة والتعاون الإقليمي إلى أبعد حدود التعاون. ولكنها ألوان في القصور مرجعها فقدان الاستعداد لدى القائمين على شئون هذه المنظمة الإقليمية التي تحتل اليوم على الرغم من كل ذلك مكانة خطيرة في الأوساط الدولية. والذين أتيح لهم الاتصال عن كثب بهيئة الأمم والوكالات الفنية العالمية يقدرون هذه الخطورة حق التقدير. هو قصور في الاستعداد وضعف في الوسائل والسبل لتحقيق هذا التعاون.
وإذا كان التحدي سبيل إلى الرقي والتقدم، فإن هذا القصور - الذي هو جزء من الأزمة التي تواجه الجامعة ومعها العرب في مختلف أقطارهم - هو نوع من التحدي. والأزمات في جملتها أنواع من التحدي. وتاريخ التمدن كما قال المؤرخ توينبي تحد وإجابة