السياسية الوخيمة (كما تشهد قضية فلسطين) كونها نقطة أمريكية استراتيجية فإن لها خسائر اقتصادية جسيمة على باقي أقطار العالم العربي؛ هذه الخسائر لا يقدرها إلا الذين أتيح لهم الاطلاع على فخامة التبادل التجاري الذي تمتص به عشرات الشركات التجارية في نيويورك الدخل القومي للملكة السعودية في جميع أوجه التبادل التجاري وبعملة صعبة كالدولار الأمريكي الذي يحتاج إليه الاقتصاد العربي في سوريا ومصر والعراق ولبنان وفلسطين حاجة ماسة. والقصور في هذا التعاون الاقتصادي ملموس في أكثر من ناحية، وليست سبب موانع سياسية فقط. ولكنه في أساسه قصور في التعريف بفوائد ودراسة لفوائده المادية والعلمية دراسة علمية وتعميمها بنباهة وعلى نطاق واسع. هو قصور في الوسائل والسبل. والواقع أن الجامعة العربية قد أهملت استعمال أمضى الأسلحة لتدعيم كيانها والأهداف التي تدعوا إليها، وهي دعائم الرخاء والاستقرار في هذا الجزء الهام في العالم.
هذه الذئاب التي تجثم على أطراف الشرق العربي لتنهش منه وتعيش على خيراته ما الذي يدفعها إلى ذلك؟ ما سر تنافس الروس والأمريكان والبريطانيين على هذا الشرق؟ وهذه الثعالب الراقدة بين ظهرانينا تستثمر الملايين في الشركات (المصرية) وفي مشاريع اليهود في فلسطين، أليست وليدة المعرفة بالإمكانيات المغرية الكامنة في الشرق العربي؟ كم يعلم المواطن العربي عن هذه الإمكانيات؟ لمحات خاطفة في الصحف السيارة لا تشفي الغليل ولا توقظ في النفس وعياً اقتصادياً صحيحاً. الفائدة التي تجنبها الجامعة العربية والفكرة التي تعمل لها عظيمة لو أن الدوائر المختصة في الجامعة جمعت أو كلفت من يدرس هذه الإمكانيات في إسهاب ودقة لتعممها على أوسع نطاق؛ ولم تترك ألسنة الرأي العام العربي والمثقفين العرب في معلوماتهم عن الوضع الاقتصادي في الأقطار العربية فريسة للمعلومات المشوهة المغرضة التي تصدرها المصادر اليهودية والشركات الأجنبية في عشرات البحوث والنشرات. ولماذا يكون المواطن العربي أجهل الناس بوضع بلاده وخطورتها في الاقتصاد الدولي؟ قد لا تلام الجامعة العربية وحدها على هذا التقصير. فالخبرة الفنية متوفرة في معاهد العلم والدوائر الحكومية والحكومات والأوساط العلمية العربية والمثقفون الخبيرون يشاركون الجامعة وزر هذا الإهمال الضار.