هذه الأصوات الناشزة التي تصدر هنا وهناك وهذا الركود السياسي البادي في المملكة السعودية واليمن هي وليدة قصور الوسائل في الجهاز الإداري للجامعة العربية.
وهذا القصور لا يرجع إلى الصخور الشماء التي تقف في سبيل برامج الدوائر الثقافية والاقتصادية في الجامعة. ولكنه يرجع إلى فقدان هذه البرامج.
لقد عجز مثلا الإدارة الاقتصادية في الجامعة عن أن تضع لها إصبعاً رفيعاً في هذه الثورة الصناعية التي تجتاح نجداً والكويت وتكاد تفصل شرقي العالم الغربي عن غربة وأواسطه، اقتصادياً واجتماعياً. فلا غرابة إذن أن سياسة البترول (وهي سلاح خطير في العلاقات الدولية) في الجامعة العربية مقيدة باعتبارات سياسية محلية.
إن طائفة من الدراسات وسلسلة من المؤثرات وثغرات الخبراء تفيد الجامعة في هذه الثورة الصناعية الخطيرة في طهران والبحرين والكويت فوائد جسيمة للتعاون السياسي والاقتصادي ولمستقبل الوحدة العربية إجمالاً.
فهو أولا: محاولة لتعريب آبار الزيت تدريجياً فتوفر العمل والانتفاع المادي والمهني لألوف السعوديين والسوريين والمصريين وغيرهم من العرب في هذه المنشآت التي يمتص بها الأمر الأمريكان ذهب الصحراء، ولربط قلب الجزيرة بالهلال الخصيب ووادي الكنانة من طريق استيطان هؤلاء العمال. وأي خطر على المستقبل الاجتماعي والثقافي - ولا نقول السياسي - للوحدة العربية وللتعاون الإقليمي جاثم في هذه الألوف من العمال الأمريكان والطليان وغيرهم الذين أنشئوا في قلب نجد والكويت قطعة من أمريكا ومستعمرات إيطالية و (جوالي) أجنبية الثقافة والولاء لا تبدو خطورتها إلا حيث ترسخ جذورها هنا وهناك كما رسخت في الإسكندرية وفلسطين.
وهي ثانياً: تحيط البيت السعودي بمجموعة عربية مستنيرة تعرف ما يفعله الاستغلاليون الأمريكان في ذهب الصحراء وترقبهم في ذكاء العالم الخبير بدل أن تترك البترول والبيت السعودي المالك والمجتمع السعودي إجمالا والتعاون الاقتصادي العربي فريسة في يد الاستغلاليين العالميين ومعهم حفنة من المرتزقة العرب الذين ضربوا نطاقاً حديدياً على البلاد السعودية وأثار هذه العزلة الاقتصادية في البلاد السعودية علاوة على أضرارها