للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لتحقيقها.

وقد أصبح التنديد بالزعماء والقادة من قبيل الكلام المبتذل، ولقد جسمته ألسنة الرأي العام العربي، فجعلته السبب الوحيد في هذه الأزمة التي يمر بها العرب اليوم، ومن النادر أن نرى في هذا التنديد دراسات منتقدة للسبل والوسائل وللنواحي الاجتماعي والاقتصادية والثقافية التي تتحداها هذه الأزمة.

وعلة الجامعة العربية هي في افتقارها إلى إدارة رشيدة وخطط عملية ووسائل مرضية لتحقيق الهدف والفكرة التي تعمل لها فإنك لن تستطيع بلوغ هدف قبل أن تضع للوصول إليه خططاً وبرامج عملية وجهازاً إدارياً حازماً لتنفيذها.

والجامعة العربية في حالتها الحاضرة تحتاج إليهما جميعاً.

ولقد اعتدنا في الشرق العربي أن نتناول القادة من حيث (وطنيتهم) وما إلى لك من بقايا عهد النضال ضد الحكم الأجنبي. وقل أن نتناول القادة والزعماء من حيث مقدرتهم وصلاحيتهم ومؤهلاتهم العلمية واستعداداتهم النفسية. وكل توجيه سياسي لا يتوخى دراسة القادة على مثل هذا الضوء توجيه مشوه ضعيف.

والجزء الأكبر في هذه المقدمة الحادة التي جلبتها الجامعة العربية على نفسها التي خلفتها ظروف وملابسات طارئة، هي فقدان الكفاية والمؤهلات والاستعداد العلمي والنفساني في الجهاز الإداري ومراكز التوجيه والمسئولية فيها.

فالجامعة لا تزال تنظر إلى نفسها، ولا يزال الناس ينظرون إليها على أنها رمز للوحدة العربية، بدل أن تنظر إلى نفسها كبرنامج للوحدة وكمشروع إنشائي.

والجامعة عربية (بدوية) من حيث أنها تتناول الأشياء في نظرة شاملة على حين يتجه العالم نحو التحليل والتخصص. والجامعة في نظرتها هذه لا تجاري النزعة (العلمية) التي أخذت تتمكن من العقلية العربية المثقفة.

في هذه السنوات الثلاث التي مرت على الجامعة منذ تأسيسها أحرزت تقدماً سياسياً ملحوظاً وملموساً، ولكنها قصرت تقصيراً مخجلا في الاقتصاد والمواصلات الفكرية والتعاون الثقافي والاجتماعي، وذلك لأن المشرفين عليها يبدو أنهم لا يقدرون قيمة هذه النواحي في التعاون الإقليمي الصحيح، والسياسة ليست وسيلة للتعاون الاقتصادي والفكري

<<  <  ج:
ص:  >  >>