وفي انصرافنا من الحفل قال لي صاحبي الشاعر العراقي الأستاذ إبراهيم الوائلي: إن الشبيبي لم يكتب مقدمة لديوان الحبوبي، وإنما الذي كتب مقدمة هذا الديوان هو الشيخ عبد العزيز الجواهري، ويظهر أن النص الذي أتى به العقاد مأخوذ من (العراقيات)، وهي مجموعة تضم عشرة من شعراء العراق، فيها ترجمة للحبوبي بقلم الشبيبي.
ثم قام الأستاذ الشبيبي فألقى كلمة طيبة في تحية المجمع وشكر الأستاذ العقاد. ومما قاله أن للشعوب العربية في هذه المرحلة من مراحل يقظتها مطالب، من أحوج ما تحتاج إليه ائتلاف في الأرواح وتقارب في المشارب والأذواق، وتجاوب بين العواطف والأفكار، وهذا مطلب جليل لا يتيسر لنا إلا إذا جمعتنا من لغة العرب جامعة أدبية كبرى، واعتصمنا من هذه الفصحى بحصن حصين، وجدير بهذا الأدب العربي الحديث أن يرى عاملا فعالا من عوامل الإنشاء والبناء، وخليق به أن يتغلب على غيره من العوامل المفرقة الهدامة.
وقد جرت تقاليد المجمع على أن يتحدث العضو الجديد في حفلة الاستقبال عن سلفه حديثاً مسهباً، ولكن الأستاذ الشبيبي اكتفى بالإشارة إلى مكانة الأستاذ الكرملي وفضله، واعداً بأن يعود إلى تفصيل الكلام عنه في فرصة أخرى.
ثم كان من قسمة الأستاذ خليل السكاكيني أن يقدمه الدكتور منصور فهمي باشا، إذ كشف القناع عن ناحية قال إن الأستاذ السكاكيني لا يحب إثارتها. ولذلك حذره من الإشارة إلى أي ناحية من جهوده الأدبية الضاربة في ماض بعيد، ربما يستنتج منها مدى عمره المبارك المديد؛ وعلى رغم هذا التحذير مضى الدكتور منصور باشا في هذه الدعاية فروى أن مدرساً كهلا استقبل الأستاذ السكاكيني في حيفا من عدة سنين بخطبة قال فيها إنه سمع عاطر الثناء على فضله وأدبه من المرحومة حماته، وكانت صغرى تلميذات الأستاذ في دار المعلمات. . . ثم قال إن الأستاذ سكاكيني يخفى عمره لأنه يدين بفلسفة القوة في كل أمر من الأمور؛ فهو يناوئ الشيخوخة ويكره أن ينتمي إليها أو يذكر بها؛ فإذا انظر من خلال فلسفته إلى اللغة فإنه لا يروقه منها إلا ما اتسم بالقوة والسلامة. وأفاض بعد ذلك في بيان جهوده في الإصلاح العلمي ومكانته في عالم الأدب واللغة.
وكان الدكتور منصور فهمي باشا قد قال في مستهل كلمته إن حلول السكاكيني، وهو من أهل القدس، محل الشيخ مصطفى عبد الرزاق فيه ما يبشر بأن بركة فلسطين ستلتقي