وظلال!. لقد وجدته، وجدته أخيراً وكأنهما كانا على ميعاد، وجدته في شخص شاعر عظم فتنها برقته، وغزا قلبهابعبقريته، وسحرها بلطف حديثه، وكان اسمه. . (كريستيان منتربيه)!
وفي هذا الظل الظليل من عبقرية الحب وحنان الحبيب، نسيت كلير أن لها زوجاً وبيتاً وابناً. . كل خلوة مع الشاعر، وكل رحلة مع الشاعر، وله ألف نزهة تهيئها الأحلام تحت ضوء القمر!. وتصل أنباء الزوجة إلى الزوج بعد أن أصبحت حديثاً تجهر به الشفاه، وينتهي الأمر بينهما إلى الطلاق. ويعود هو إلى أشجانه، وتعود هي إلى كريستيان منتربيه!
وفي رحاب الزوج الجديد عاشت كلير. . عاشت في رحاب الرجل الذي ضحت في سبيله بالزوج والإبن وكل نعيم يهيئه للمترفين سلطان المال! وكم عطفت عليه فأوحت إليه، وكم ألهبته فألهمته، ولكنها لم تذق معه تلك الخمرة المسكرة. . . الخمرة التي عتقتها الأوهام في دنان أرض الميعاد!. لقد كان الشاعر وا أسفاه بشراً ككل البشر!! وفي تلك الرسالة التي بعثت بها كلير إلى كريستيان بعد اثني عشر عاماً من زواجهما، يصور أندريه موروا بريشة الفنان المبدع، كل ما كان يعتلج في نفس بطلته من صراع رهيب بين الروح والجسد، ظل إلى أن ودع الشاعر الحياة، أقباساً من وهج اللوعة وفنوناً من عبقرية الألم!.
ونقتطف هنا فقرات من هذه الرسالة الملتهبة:
(يا حبيبي الأعز، إنني منذ مقامي هنا قد بدأت ثم مزقت عشر مرات رسالة كنت أريد وكان ينبغي لي أن وجهها إليك منذ وقت طويل. إن ما لدي وعلي أن أقوله مؤلم لي، وأخشى أن يسبب لك الماً. . . إنني لا أظن يا كريستيان أنك تستطيع أن تتصور إلى أي حد قد تألمت منذ اثني عشر عاماً، لقد كنت معجبة بك، لقد كنت أحبك، لقد كنت غير راغبة في أن أكون لك. لا لك ولا لسواك. وما كان أسعدني لو بقيت إلى جانبك صديقة، أو لو استطعت خاصة أن أكون ملهمة، ولكنك لم ترد ذلك وقد استسلمت خافضة جناح المذلة لأني خشيت إذا أنا قاومتك أن أفقدك. . . لقد توقعت منك إذا أنا فرضت على نفسي تضحية إعطاء نفسي، أن أجد ما لا عين رأت ولا أذن سمعت مما لم يحدث، ولم ينكشف لي الزواج عن الوادي العجيب، ولم ألمح أرض الميعاد يا كريستيان!