للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إني أحبك يا كريستيان ولا أحب سواك، وإن من عناصر مأساتي أنني لك وسوف أكون مخلصة إخلاصاً لا يأتيه الشك ولا ينال منه شيء ولو بلغ بي اليأس والقنوط حد المنون. . إنك لو أردت فوضعت في زواجنا من الشعر بقدر ما تصنع في غراميات الأبطال الذين تخلقهم، فربما كنت أبلغ من الحرارة الدرجة العالية علواً خارقاً، الدرجة اللازمة لتصهر تحفظي وتذيب جمودي. . . إن في الحياة الزوجية - على النحو الذي يخيل إلى وكما أتصورها - شيئاً متكرراً، شيئاً فاحشاً يثلج بدني ? وإني أفترض أنني مخطئة، وأن المرأة الطبيعية العادية تجد شيئاً طبيعياً عادياً هذا (الهوى الجسدي الأعظم) كما هو عندكم أيها الرجال كل مساء، من دون أن تغلف هذه الحركات والإشارات في كل مرة بالشعر والقلق والجمال. لكن ما حيلتي وقد خلقت هكذا؟!. . إن أعصابي تحترق شيئاً فشيئاً من تكرار هذه المعاناة، بل إن عقلي نفسه قد اضطرب! وتتصاعد في كياني أبخرة الضغن والغيرة، وأحياناً الحقد، على تلك المخلوقات البريئة التي كل جريمتها عندي أنها تتذوق لذات تأباها على طبيعتي. . .!

بعد هذه الزوجة الشقية التعسة، تجد ست زوجات أخرى لخص الصاوي حياتهن عن قصص ومسرحيات مطولة في الأدب الفرنسي، وسترى أن واحدة منهن قد لقيت من الشقاء والتعاسة ما لقيت كلير، وهي (زوجة الكاتب). . . وأن أخرى قد لقيت من ذل الحياة وقسوة الأيام أضعاف ما لقيت بطلة أرض الميعاد، وهي (زوجة الضابط). . . وأن ثالثة قد واجهت العاصفة بصبر وثبات ورجاحة عقل حتى بلغت الشاطئ، وهي (زوجة الوالي). . . أما مسرحية (أزواجها الثلاثة) فقد كانت بمثابة البسمة المشرقة وسط مآسي الدموع ?. . . أما الزوجة السابعة والأخيرة فبطلة قصة مصرية كتبها الصاوي بقلمه تحت عنوان (زوجة الطبيب)، ولعل هذه القصة هي الثغرة الوحيدة في هذا الكتاب، الثغرة التي ينفذ منها الناقد إلى شخصية الصاوي الفنية ككاتب قصة. . . لقد كان فيها مجال رحب للخيال المفتن ولكن الصاوي وجه كل عنايته إلى الإطار دون أن يحفل كثيراً بتلوين الصورة، ومن هنا فإن الحركة النفسية قد اعتراها شيء من الهمود، مبعثه تلك اللمسات السريعة العابرة في مواقف تحفل بعنف الصراع وفورة العاطفة!

أنور المعداوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>