ويمكن أن نطبق هذا القانون على سيرة بعض عظماء الرجال مثل هتلر ونابليون وغيرهما من كبار الناس. ولنأخذ مثلاً لذلك نابليون بونابرت.
لما كان نابليون طالباً في المدرسة الحربية بباريس قال يوماً بعض أساتذته:(إن هذا الطالب القرصقي جنسية وأخلاقاً سوف يتبوأ مكاناً عالياً إذا واتاه الحظ). وقد صدقت نبوءة ذلك الأستاذ وسطع نجم نابليون وتألق.
امتاز نابليون في حصار ميناء طولون سنة ١٧٩٣، وهزم الإنجليز وأنصارهم من الفرنسيين الملكيين، ورقي إلى وظيفة جنرال على اثر ذلك، كما انتصر انتصاراً باهراً في حملته على الإيطاليين سنة ١٧٩٦ ثم فوزه على النمساويين سنة ١٨٠٤، ثم هزيمته للروس سنة ١٨٠٥، وبروسيا الشرقية سنة ١٨٠٦، ثم هزيمته لإسبانيا والبرتغال بعد ذلك، وهكذا أضحى نابليون سيد أوربا وأعظم رجل بها.
ثم بدأ يخونه الحظ ويأفل نجمه رويداً رويدا وكان بدء ذلك بعد حملته الغير موفقة ضد الروس سنة ١٨١٢، إذ حلت بجيوشه هزيمة منكرة في سهول روسيا المترامية الأطراف المكسوة بالجليد ففتك البرد بجيوشه التي لم تجد مأوى ولا قوتاً؛ وبعد ذلك هزيمته في (ليبزج) سنة ١٨١٣ واحتلال فرنسا سنة ١٨١٤ ونفي نابليون في جزيرة (ألبا)، ثم فراره منها وجمعه لفلول جيوشه التي هزمت هزيمة نكراء في واقعة (واترلو) سنة ١٨١٥ ونفيه في جزيرة (سنتهيلانة)، حيث ظل بها يعاني من قسوة الطقس آلاماً جسيمة، ومن قسوة الهزيمة والإخفاق آلاماً نفسية، حتى قضى نحبه سنة ١٨٢١.
إن سيرة هذا البطل تخضع لقانون التتابع في صورة واضحة. نجاح متلاحق متواصل يجذب بعضه بعضا حتى إذا ما وصل إلى القمة أعقبه هبوط متواصل أيضاً كما لو كانت الجاذبية تعمل عملها بجذبها إلى مركزها كل جسم من الأجسام، وكما تفعل مع جسم قذفته إلى أعلى طبقات الجو فهو يصل إلى غايته القصوى، ثم بفعل الجاذبية يهبط في خط أقرب إلى الشكل البيضاوي على حد قول الشاعر: