للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نوع. وكنا دويلات وإمارات متخاذلات متقاتلات. فنصرنا الله على الغرب كله برجلين اثنين وما انتصرا إلا بالإيمان والإخلاص، وان تركة صلاح الدين الأيوبي بطل الدنيا، كانت ستة عشر دينارا، لم يورث غيرها!

يا أيها المستمعون جميعا، سألتكم بالله: انسوا لحظة واحدة جاهكم ومطامعكم، وحبكم وبغضكم، ومشاغل بيوتكم وأسواقكم وفكروا في نفوسكم، فيما كان عليه أجدادكم، وما انتهت إليه حالكم. هل صنعتم مثلما صنع النبي يوم الخندق، هل عندكم اليوم مثل الملك صلاح الدين. هل لديكم مثل الشيخ عز الدين هل أعددتم لليوم العبوس عدته. هل أحسستم إلى هذه الساعة إنكم في حرب؟

يا ناس!

هل تعيش أمة في الحرب مثلما كانت تعيش في السلم. لا تنقص شيئا من لهوها وتبذيرها وغفلتها، وأضاعتها أموال العامة وأموال الخاصة فيما لا ضرورة له، ولا جدوى منه، وأنفاقها في (الكماليات) التي يذهب ثمنها إلى عدوها، فيرجع إليها رصاصا وقنابل تنزل على دورها وصدورها؛ هل تختلف أمة على الصغائر، وتتنازع على المناصب، والعدو قد غشيها في أرضها؟ هل ينفق في الأمم الحية المحاربة قرش واحد إلا في شراء النصر؟

يا ناس!

إني أكون خائنا لديني ولأدبي إذا أنا غششتكم في يوم هجرة نبيكم، أو كتمت الحق عنكم. إنكم طالما تنكرتم لدينكم ونسيتم أقداركم، واحتقرتم نفوسكم، وأضعتم سلائفكم الخيرة، وخلائقكم النبيلة، في تقليد الأوربيين في التافه من شئونهم، وفي إعظام الأوربيين والرعب منهم. ولا سبيل لكم إلى النصر إلا بان تعودوا فتتخلقوا بأخلاق النضال التي خلق بها أجدادكم نبيكم، اجلوا كل اختلاف بينكم إلى نهاية هذه الحرب، وأرجئوا كل نفقة لا ضرورة لها، ولهو لا داعي إليه. وواجهوا العدو صفا واحدا، وقلبا واحدا، قد وقفتم على الظفر قواكم كلها وأموالكم، واعلموا أنه لن ينفعكم والله منصب ولا مال، أن تركتم عدوكم يقوى بضعفكم، ويشتد بتخاذلكم، ويزيد بنقصكم

إن الدنيا مقبلة على غمرات سود، ومرتقبة أحداثا جساما، وستكون معركة لا مخرج منها إلا البطل. فيا أيها العرب: تيقظوا وتنبهوا وثقوا بربكم وعودوا إلى خلائقكم. واعرفوا

<<  <  ج:
ص:  >  >>