للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كنت من لشرف والمهابة في الجاهلية حيث علمت!

ني لأرجو لك من العزة بالإسلام ما ترجوه لنفسك ولكنه أخ مسلم يطلب قودا من أخ مسلم!

إذا أعود إلى النصرانية. . . لا يلطمني بدوي بوال على عقبيه!

أن تنصرت ضربت عنقك!

انطبقت شفتا جبلة على كلام كثير لم يلفظه، على حين ارتفعت أصوات كثيرة من وراء.

أولئك شيعة الفزارى وقوم جبلة يتلاحون حتى توشك أن تقع بينهم فتنة.

وغامت سحابة من الهم على جبين الملك، وصمت برهة ثم نطق:

أخرني إلى غد يا أمير المؤمنين.

لك ذلك يا جبلة!

- ٤ -

لم ينكر أحد في البادية أمر تلك القافلة التي تعد السير في جنح الليل متجهة إلى الغرب؛ ليس في سمات هذا الركب ما يبعث الريبة. . . جماعة من البدو أو من الحضر على ظهور دوابهم، قد جعلوا يثرب وراء ظهورهم إلى غاية يقصدونها، وما أكثر قوافل البدو والحضر على ذلك الطريق في تلك الأيام. لعلهم بعض المتطوعة يقصدون إلى الشام مددا للمجاهدين، أو لعلهم بعض التجار. . . لم يخطر في وهم أحد رآهم انهم أشراف لخم وجذام وغسان، وان معهم جبلة بن الايهم، صاحب القرط والتاج وعرش جلق الفيحاء. . .

وانتهت القافلة إلى تخوم الروم، ثم استأنفت السير إلى القسطنطينية. وفي ضيافة قيصر، أقام جبلة بن الايهم، آخر ملوك غسان، عزيزا مكرما، قد اقطعه القيصر قصرا ملوكيا، وأوقف على بابه القهارمة والحجاب والعدد الجم من الرجال والفرسان؛ وفي مجلسه من ذلك القصر الملوكي كل ما تتوق إليه نفس من أسباب الترف والبهجة، وكل مظاهر العز والسلطان. ملك له عرش وتاج، وقهارمة وحجاب، ووزراء ومستشارون؛ ولكن حدود مملكته لا تتجاوز جدران قصره؛ وماذا يعنيه أن تكون مساحة مملكته، مادام له مجلسه وعرشه وتاجه وكل من حوله يأتمرون بأمره ويعنون بسلطانه وما هي أبهة الملك إلا ذاك؟. . .

وترادفت السنون، وانبسط ملك العرب في الشرق والغرب، وفي الشمال والجنوب، حتى

<<  <  ج:
ص:  >  >>