المرتبة، وحججهم القوية، وقدرتهم على التخلص بسهولة من المشكلات التي تعترضهم بما أوتوا من نشاط عقل وحدة ذهن وصدق حس.
ومن كان لذكائهم أثر في نجاحهم في حياتهم (ابراهام لنكولن)، أحد رؤساء الولايات المتحدة الذين تدين لهم تلك الولايات اليوم بما فيها من تقدم ورقي وإصلاح. ولد في ١٢ من فبراير سنة ١٨٠٩، وكان أبوه بحاراً، نجاراً عادياً. توفيت والدته ولما يبلغ من العمر عشر سنين، تعلم مبادئ القراءة والكتابة وهو طفل، وكانت أمه قبل وفاتها تعني به العناية كلها، اختارت له من الكتب الكتاب المقدس وكتاباً عن حياة (جورج واشنطون) قرأهما وأعاد قراءتهما مراراً حتى كاد يحفظهما. وكان في بعض الأحيان يسير أميالاً ليستعير كتاباً يقرؤه. كان في حياته الأولى عاملاً، ثم ثقف نفسه بالقراءة في أوقات الفراغ، وكان في الليل يوقد قطعاً من الخشب، يتدفأ بنارها ويقرأ على نورها، ولولا ضيق المقام، والخوف من الخروج عن الموضوع لكتبنا عنه الكثير فارجع إلى تاريخ حياته أن شئت، وكل ما نريد أن نذكره هو أنه درس القانون أخيراً، ثم كان محامياً مدرهاً يشار إليه بالبنان، حاضر الذهن متقد الفكر، قوي الشخصية، ثم كان عضواً بمجلس النواب، فسياسياً، فرئيساً للولايات المتحدة بأمريكا. فضلته زوجته - وكان فقيراً - على منافس آخر من الأغنياء، وقد اختارته زوجاً لذكائه وإخلاصه وشخصيته. تنبأت أنه سيكون عظيماً، وقد كان مثلاً للعظمة؛ ولئن قام واشنطون بتحرير الولايات المتحدة، فقد قضى لنكولن على ما كان فيها من الاضطراب، وقام بكثير من الإصلاحات، وقد ترك لنكولن اسماً خالداً محبوباً لا من الأمريكيين فحسب، بل من أبناء الإنسانية في جميع الشعوب، فقد كان يعمل للإنسانية ويفكر كثيراً في الإنسانية وينسب إليه كثير من الحكايات التي تقرب من الخيالات والروايات.
وممن كان لحدة ذهنهم وشخصيتهم أثر كبير في نجاحهم أيضاً (اللورد ماكولي) الاسكتلندي، فقد كان كاتباً وشاعراً، وكان مؤرخاً وقانونياً، وكان خطيباً وسياسياً، ولد في ٢٥ من أكتوبر سنة ١٨٠٠ م وتوفى في ٢٨ من ديسمبر سنة ١٨٥٩ م.
أظهر حباً للقراءة وتعطشاً للعلم منذ نعومة أظفاره، توسم فيه أبوه كثيراً من علامات الذكاء والمقدرة العقلية منذ طفولته؛ فقد قلد (السير وولتر سكوت) في كتابته وعمره لم يزد على سبع سنين، فكتب ثلاث قصائد، ومختصراً تاريخياً عاماً، وهو طفل. كان قوي الذاكرة،