محباً للعمل مولعاً بالأدب وبخاصة الروايات. وكثيراً ما لامه أبوه على قراءتها، التحق في أكتوبر سنة ١٨١٨ بجامعة (كمبردج). وحصل على أربع جوائز منها. وكنا نود أن نكتب عنه كثيراً لولا الخوف من التطويل. وكل ما يمكننا أن نقوله هو أنه اشتغل بالقضاء، ثم اتخذ الأدب مهنة، ثم انتسب إلى أحد الأحزاب السياسية، ونجح في حياته النيابية نجاحاً باهراً لنشاطه العقلي، وتأثيره الخطابي، وإخلاصه في قوله. وكان ينضم لآرائه كثيرون حتى المعارضون لحزبه. وله خطبة هي آيات بينات يدافع فيها عن تعميم التعليم المجاني، تدل على غيرته، وحضور بديهته. ولم يفخر الشعبان: الإنكليزي والاسكتلندي إلى اليوم بأحد من رجال السياسة والأدب فخرهما بماكولي: ومن كتابته تكاد تلمس قوة حجته، وروح خطابته، ووضوح لغته، وصفاء ذهنه، وسلامة ذوقه في كتابته، وجمال تعبيره، وحسن أسلوبه، ووفاءه لبلاده وأقاربه وأصدقائه، تكاد تلمس نقده المر البريء الذي ينبئ عن الإخلاص والإيمان بما يقول. .
وممن كان يشهد لهم بالذكاء وحضور البديهة كثير من رجال العرب ونسائهم نذكر لك منهم: معن بن زائدة؛ فقد دخل على أبي جعفر المنصور، فقارب خطوه، فقال المنصور:(لقد كبرت سنك؛ قال في طاعتك. قال وإنك لجلد؛ قال على اعدائك. قال: وأرى فيك بقية؛ قال: هي لك.) فانظر إلى أجوبة معن تجد أنها تدل على سرعة الخاطر وحسن الجواب.
فالنشاط العقلي يساعد على النجاح في الحياة، وينقذ الإنسان من أدق المراكز، ويحفظ شخصيته في أشد المواقف، ويسهل الصعب، ويقرب البعيد وله أثر كبير في حسن الخلق والسلوك. وبالإحصاء وجد أن أكرم حكام أوربه خلقا في القرون الثلاثة الأخيرة الماضية كانوا على قسط كبير من الذكاء. .
(٣) المشاركة الوجدانية:
العنصر الثالث من العناصر التي تكون منها الشخصية يدعى المشاركة الوجدانية؛ فاذا لم نشعر بشعور الناس ونشاركهم في مسراتهم وأحزانهم، ونتأثر بآرائهم وأفكارهم، فهذا دليل على أننا في حاجة إلى أن نضع أنفسنا موضعهم، مهما كانت علاقتهم على شرط أن يكون لدينا استعداد للفهم والتفكير والشعور، مهما كانت مراكزنا بالنسبة إليهم، من غير نظر إلى رئيس أو مرءوس، غني أو فقير، عظيم أو حقير، رفيع أو وضيع، وألا تكون مناصبنا