للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منبوذة، وأفعالهم مذمومة مشئومة.

فالمشاركة الوجدانية من أهم عناصر الشخصية تجعل القلب متقداً يشعر بشعور غيره، ويقيس نفسه بمقياس سواه من الناس. يقول (السير وولتر سكوت) الكاتب الاسكتلندي الكبير: (إن المشاركة الوجدانية هي الحلقة الفضية أو الرباط الحريري الذي يصل القلب بالقلب، ويربط العقل بالعقل، والجسم والروح) فإذا كانت الشخصية هي القوة التي بها يجتذب الغير فالمشاركة الوجدانية من أهم الأشياء التي بها نتصل بقلوب غيرنا وأرواحهم. .

وإذا قدرنا غيرنا، وفكرنا فيه، وسررنا لسروره، وتألمنا لألمه، فإننا ننتظر منه أن يقابل المثل بالمثل، فيقدرنا ويفكر فينا، ويشاركنا في سعادتنا وشقائنا بوجدانه وقلبه، أما إذا لم نقدر أحداً، ولم نفكر في أحد، فإننا لا نترقب أن يقدرنا أو يفكر فينا أحد.

ومن المشاركة الوجدانية أن يخلص الأستاذ في نصح طلبته وإرشادهم، والتفكير في عملهم وظروفهم ومستقبلهم، فيقابل الطلبة ذلك بالوفاء والطاعة والتقدير. فالشخصية تستدعي أن نتأثر للغير، ويتأثر الغير لنا، ونشعر بشعورهم، ويشعروا بشعورنا. ولا أثر للتربية والتعليم إذا لم يصحبا بمحبة غيرنا، والتفكير فيهم بقلوبنا، فالمشاركة الوجدانية يجب أن تتحقق في القادة، قادة الفكر وقادة العمل، حتى تكون لهم شخصية جذابة. غير أنه ينبغي ألا يتدخل الوجدان والعاطفة في أقوالنا وأفعالنا وحركاتنا وسكناتنا تدخلاً كبيراً، حتى نستطيع أن نزن الشيء بميزان العدالة لا بميزان العاطفة. ويجب ألا ننظر إلى الأمور من ناحية واحدة وهي الناحية الوجدانية، لئلا يختل التوازن، ويصبح العقل عبداً خاضعاً للتأثيرات الوجدانية العاطفية التي تعمينا عن حقائق الأشياء وعلاقاتها بغيرها.

ونظراً لطول الموضوع وتشعبه أرجئ البقية إلى بعض الأعداد التالية من الرسالة.

محمد عطية الأبراشي

<<  <  ج:
ص:  >  >>