وأستعانك أحد ذوي قرابتك في شأن حزبه، فطلبت إليه ثمن جهدك!
وراعني - يا صاحبي - أن ينفث فيك سعار المادة سمومه فتطمس على عقلك وتدفعك إلى آخر الشوط، فتتهجم على أخيك الأكبر بكلمات وضيعة طائشة تودعها رسالة، ثم تبعث بها إليه في غير خشية ولا حرج، بعثت إليه برسالة وهو على خطوات منك!
أنسيت أنك عشت عمراً من عمرك ترى فيه الأب والأخ في وقت معاً، فكنت تجد إلى جانبه راحة قلبك وهدوء بالك، وكنت تفزع إليه إن حزبك أمر أو فدحك حادث؟! ونسيت أنك حين أردت أن تتزوج أرسلت إليه - دون أبيك - تسأله الرأي وتستعينه على أن يخطب إليه ابنة (فلان بك) فأسرع إلى أبيها بحتال للأمر، إرضاءً لك، حتى أصاب التوفيق!؟
وتزوجت أنت من ابنة (ألبك) وهو رجل ذو مركز وجاه وثراء، تقلب في وظائف القضاء حتى كاد أن يبلغ، وانعطف على نفسه - منذ نشأته الأولى - فعاش في منأى عن صخب الحياة وضجيجها، فأفاد صحة ومالاً. ولصقت أنت إلى (ألبك) واتخذته مثلك الأعلى، ولكنك كنت منه كالقزم من المارد، وتصاغرت نفسك في عينك فما لك مال ولا جاه ولا مركز إلا صبابات، وتراءى لك أن المال وحده يسمو بك فتتطاول إلى حيث (سعادة ألبك)، فأخذتك شهوة المادة وركبك سعار المال. ولكن كيف السبيل وأنت عاجز اليدين قليل الحيلة! فاندفعت تسلك إلى المال سبلاً فيها الصغار والخسة، أيسرها أنك استخذيت (لسعادة ألبك)، فعشت في داره يعولك ويعول أولادك، وسكنت أنت إلى هذا الوضع الوضيع لقاء دريهمات تدخرها، لا تغنى من كرامة ولا تسمن من إباء، ثم استخذيت مرة أخرى فأقامك على بعض شأنه - احتقاراً لك منه وأمتهاناً - أجر ما أطعمك وأسكنك!
وتهاوت نفسك صغاراً وصفة فما حاولت أن تستشعر رجولتك إلا أمام أختك، وإلا حين كتبت إلى أخيك الأكبر رسالتك تقول: (. . وظننت أن تقدمك عليَّ في السن يخولك السيادة أو يؤهلك للسبق. ولئن كنت أنت بكر أبوينا فما يمنعني ذلك من أن أسبقك في العلم والجاه والمال!
وأنت دأبت على أن تمطلني حقي رغبة منك في أن تستلبه أو تضيعه عليَّ، رغم أننا أعقاب أب واحد نتقسم تراثه على سواء، لي مثل ما لك من حق ومن مال في ما ترك أبي