ومع هذا فروح المبادئ الإسلامية تتيح الموظفين حرية للموظفين حرية في السير إلى أهدافهم العليا هي فوق منال موظفي زماننا. ومن النصوص الكثيرة في هذا الشأن ما ورد من أن زياداً كتب إلى الحكم بن عمرو الغفاري: وإن أمير المؤمنين معاوية كتب إلي يأمرني أن أصطفى له الصفراء والبيضاء فلا تقسم بين الناس ذهباً ولا فضة وأقسم ما سوى ذلك. فكتب إليه: إني وجدت كتاب الله قبل كتاب أمير المؤمنين! والله لو أن السماوات والأرض كانتا رتقاً على عبد فاتقى الله لجعل له منهما مخرجاً! ثم نادى الناس فقسم فيهم ما أجتمع له من الفيء.
والإسلام في احترامه للإنسانية وحمايته للحق يقرر وجوب الإنكار على الموظفين - مهما تكن مراتبهم - فيما يخالف الشرع. قال صلى الله عليه وسلم:(ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف بريء، ومن أنكر سلم، ولكن من رضى وتابع) يريد أن الإثم والعقوبة على من رضى وتابع وإنه صلوات الله عليه ليدعو المسلمين دعوة صريحة إلى الصدوف عن مشايعة الحاكم الظالم ورفض معاونته إذ يقول لما ذكر الظلمة: (من صدقهم بكذبهم وأعلنهم على ظلمهم فليس منى ولست منه ولا يرد على الحوض).
ولا ينبغي للموظف أن يزدهيه منصبه، أو أن يغبن حتى فيما دق وهان صغيراً لصغره. كتب علي إلي بعض عماله: واخفض للرعية جناحك، وألن لهم جانبك، وآس بينهم في اللحظة والنظرة والإشارة والتحية، حتى لا يطمع العظماء في حيفك، ولا ييئس الضعفاء من عدلك. وقد صدق في هذا الشأن عمل المسلمين الأولين قولهم.
والإسلام إذ يفيض على أتباعه جميعاً كريم الرعاية وعظيم الالتفات يحرص على إبلاغ ولي الأمر حاجات كل فرد، لا يمنع من ذلك ضآلة شأن الفرد أوضعته. يقول النبي (ص): (أبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغها، فإنه من أبلغ سلطانه حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبت الله قدميه يوم القيامة). ويقول عمر الفاروق في خلافته: لئن عشت إن شاء الله لأسيرن في الرعية دولاً، فإني أعلم أن الناس حوائج تقتطع دوني، أما عمالهم فلا يرفعونها ألي، وأما هم فلا يصلون إلي.
ورواتب الموظفين في النظام الإسلامي تناسب الحاجة والبلد، ومن دواعي زيادتها أن يبدي الموظف في عمله كفاية وحكمة. والنبي صلى الله عليه وسلم يوصي أئمة المسلمين بعده