ذلك ولعقبه من بعده أبداً أبداً أبداً). وعمر بن عبد العزيز أمر أن يرفعوا إليه كل يتيم ومن لا أحد له ممن قد جرى على والده الديوان، فأمر لكل خمسة بخادم يتوزعونه بينهم بالسوية، وفرض العوانس الفقيرات، وكان لا يفرض للمولود حتى يفطم، فنادى مناديه: لا تعجلوا أولادكم عن الفطام فأنا نفرض لكل مولود في الإسلام.
والموظفون يجدون رعاية اجتماعية عند العجز؛ كتب عمر ابن العزيز إلى أمصار الشام أن يرفعوا إليه كل أعمى في الديوان أو مقعد أو من به فالج أو من به زمانه تحول بينه وبين القيام إلى الصلاة، فأمر لكل أعمى بقائد ولكل اثنين من الزمني بخادم.
والاتجار ليس من شأن موظفي الدولة؛ اجتمعت لأبي هريرة أموال كثيرة فقرر أن خيله تناسلت وسهامه تلاحقت وأنه اتجر؛ فقال له عمر بن الخطاب: أنظر رأس مالك ورزقك فخذه، واجعل الآخر في بيت المال.
وقد عرفت النظم الإسلامية مبدأ عدم تكرار الراتب، فعمر بن عبد العزيز أمر أن لا يخرج لأحد من العمال رزق في العامة والخاصة، فإنه ليس لأحد أن يأخذ رزقاً من مكانين، في الخاصة والعامة.
وما ينبغي للموظفين أن يستعملوا شيئاً من وسائل النقل الخاصة بالدولة، فأصحاب البريد يجب أن لا يحملوا على دواب البريد إلا من تأمر الحكومة بحمله في أمور المسلمين فإنها للمسلمين. وفي هذا المقام يذكر أبو سيف أن عمر بن عبد العزيز كان يبرد، فحمل مولى له رجلاً على البريد بغير إذنه، فدعاه، فقال: لا تبرح حتى تقومه ثم تجعله في بيت المال.
والوظائف العسكرية تقتضي كشفاً طبياً يجرد فيه الشبان من ثيابهم للإطلاع على عيوب أجسامهم، ولم يكن يقبل فيها الصبيان.
والثقة بالموظفين واجبة، يقول طاهر بن الحسين لولده عبد الله: ولا تتهمن أحداً من الناس فيما توليه من عملك قبل تكشف أمره بالتهمة، فإن إيقاع التهم بالبداء والظنون السيئة بهم مأثم. واجعل من شأنك حسن الظن بأصحابك، واطرد عنك سوء الظن بهم وارفضه فيهم يعنك ذلك على اصطناعهم ورياضتهم.
وقد سبقت النظم الإسلامية إلى الأخذ بمبدأ اللامركزية منذ عهد الرسول. روى أن السعاة الذين كان يبعثهم على الزكاة كان الواحد منهم أحياناً يرجع إلى المدينة وليس معه شيء