للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

منها إذا وجد لها موضعاً يضعها فيه.

ومن النصوص التي تذكر في هذا المقام فتعجب ما كتبه عمر بن عبد العزيز إلى عامله باليمين: (أما بعد فإني أكتب إليك آمرك أن ترد على المسلمين مظالمهم فتراجعني ولا تعرف مسافة ما بيني وبينك، ولا تعرف أحداث الموت، حتى لو كتبت إليك أن اردد على مسلم مظلمة شاة لكتبت أردها عفراء أو سوداء فأنظر أن ترد على المسلمين مظالمهم ولا تراجعني).

وما أجمل ما كتب إلى عامله على الكوفة: (إنه يخيل ألي أني لو كتبت إليك أن تعطي رجلاً شاة لكتبت إلى: أذكر أم أنثى؟، ولو كتبت إليك بأحدها لكتبت إلي: أصغيرة أم كبيرة ولو كتبت بأحدها لكتبت: أضأن أم معزى؟، فإذا كتبت إليك فنفذه ولا ترد علي.

وبمثل هذا كتب أبو جعفر المنصور إلى مسلم بن قتيبة. والمأثور عن المأمون أنه كان يحرص الحرص كله على الانتفاع برجاله ويطلق لهم حريتهم في العمل.

وامتد الأخذ بهذا المبدأ إلى الوزراء؛ كان العباس ابن الحسن وزير المكتفي يقول لنوابه بالإعمال: أنا أوقع لكم وأنتم افعلوا ما فيه المصلحة.

وللشعب حق شكوى الموظفين، حيث يقف وإياهم على قدم المساواة، يسوي الحكم بينهم في الموقف حتى يظهر الحق، فإن توجه قبل الموظف اقتص منه إن كان هناك داع للقصاص، أو عامله بما تقتضي به الشريعة، أو اعزله. وقد وقع للفاروق عمر ولعمر بن عبد العزيز أن مثل كل منهما وهو أمير للمؤمنين مع خصمه أمام القاضي.

ومن آيات عمر بن الخطاب في العدل يوجهها إلى الرعية: (من ظلمه عامله بمظلمة فلا إذن له إلا أن يرفعها أليَّ حتى أقصه منه.

والنظم الإسلامية تتجافى عن الوساطة وتتكرم عن المحسوبية في شؤون الموظفين؛ توسط مولى عمر بن الخطاب أن يكتب كتاباً إلى عامله بالعراق ليكرم من قصدوا إليها، فانتهره عمر وسبه، وقال: أتريد أن يظلم الناس؟ وهل هو إلا رجل من المسلمين يسعه ما يسعهم به. وعلي يكتب إلى الأشتر النخعي حين سيره إلى مصر:. . . ثم انظر في أمور عمالك، فاستعملهم اختباراً، ولا تولهم محاباة وأثرة. . . ولقد انتهى إلى علم معاوية أن ابن أخته عبد الرحمن بن أم الحكم عامله على الكوفة أساء السيرة في إمارته فعزله وأقصاه عن

<<  <  ج:
ص:  >  >>