ولكن كتابة المصلح لم ترق للشعب فإن الخرافات عنده قد امتزجت بالحقيقة. فقد كان من يفرق بين الغث والسمين، ويفصل بين الحق والباطل، ويدعو الناس إلى سبيل لا عوج فيه؛ كان من يفعل هذا موضع سخط العامة ونقمتهم، ولقي السيد داشتي من هذا السخط ما حمله على الانتقال من شيراز إلى طهران.
وفي طهران أصدر جريدته (شفق سرخ) أي: الشفق الأحمر، وأخذ يناضل فيها عن رأيه ويدعو الناس إلى الخير، تارة باسمه وتارة باسم مستعار. وتمتاز كتابته بهذا الطابع الذي امتاز به في حياته الأدبية وفي منهجه السياسي؛ طابع الصدق في القول والإخلاص في العمل. وقد اتخذ الأحرار من جريدته منبراً يذيعون منه آراءهم وينادون بما يرون من وجوه الخير والإصلاح.
وقد تعرض الرجل في حياته لكثير من الأذى في سبيل أداء رسالته، فكما أن الشعب لم يتقبل دعوته في إصلاح الدين بما ينبغي لها من الأتباع والإعجاب، فكذلك كانت حملته السياسية على حكومة (وثوق الدولة) سنة ١٩١٩ سبباً في إبعاده عن البلاد. فقد كانت كتابته في الصحف من أشد ما وجه لسياسة المجاملة للإنجليز، وقد لجأت الحكومة إلى حظر نشر مقالاته في الجرائد فلجأ إلى المنشورات يكتبها وتوزع فتنتشر بين الناس. وقبض على الرجل وسئل عمن يكتب المنشورات فلم يبال وأعلن أنه صاحبها وكاتبها، فلم تر الحكومة من وسيلة لإسكاته غير نفيه من البلاد.
ولم تكن هذه سابقة في الجهاد كافية لأن يعيش الرجل بها ويبني مجده عليها؛ بل ظل صلب العود، شديد المراس، ثابت الرأي، وصمد في شيخوخته صموده في شبابه. وقد حمل منذ سنوات حملاً على أن لا يخرج من داره أربعة أشهر ثم اضطر إلى ترك بلاده فسار إلى فرنسا حيث مكث سنة ونصف سنة.
وقد شارك السفير في الحياة السياسية في بلاده؛ فهو نائب قديم بالبرلمان، وهو زعيم يشار إليه، وقد أفلح بتوجيهه السليم في أن يكون أبرز شخصية في البرلمان الإيراني، وكثيراً ما كان لآرائه الأثر الصالح في توجيه سياسة بلاده.
ولم تصرفه حياته الصحفية وجهاده السياسي عن العلم والأدب فقد أتم ثقافته الدينية بالإحاطة بالآداب الغربية فحذق اللغة الفرنسية وقرأ آثار الفرنسيين الأدبية ونقل إلى اللغة