وقد يترامى إلى أذنيه هذا السؤال الحائر على شفاههم، فيغمزهم بطرف عينه. ويقول لهم هامساً: إن زوجتي، هذه الدجاجة العجوز ليست من العظمة بحيث تستطيع أن تنجب عظيماً مثلي!!
وكانت زوجته تثور عليه، ولم تكن بأقل غرابة من زوجها، فقد كانت امرأة فلاحة، غليظة الطبع، حادة المزاج، لا تبدو إلا غاضبة، مكشرة، إذا مشت، فعلى رؤوس أصابعها، فتبدو، وكأنها تقفز قفزاً، واهتز أعلاها، وامتدت أردافها!
وكانت على شجار دائم مع زوجها، وكان هو يخافها، ويتحاشى وقاحتها، ولكنه لم يكن يكف عن التحرش بها، ليضحك منها!
وكان الزبائن يضحكون لهذا الشجار الدائم، ويغرقون في الضحك، حين يبدأ العم طون يسخر من زوجته! وتبلغ الضجة أعلاها، حين تشير الزوجة الهرمة إلى زوجها المنفوخ، وتقول:
صبراً. . . صبراً، أيها المتكرش الكسول، سيأتيك يوم تنفجر فيه هذه النفخة الكذابة. . . انك والله لرجل كسول، لا تصلح إلا لربطك مع الخنازير!!
والعمة طون، مولعة بتربية الدجاج وتفريخها، وكان لها في هذا المضمار باع طويل وخبرة واسعة، ولم تكن لتخلو أكبر الموائد في باريس من دجاج العمة طون!
على هذه الحالة مضى ركاب الزمن بالعم طون، يمزح ويمرح ويبيع الكونياك، حتى حدث أن أصيب بما أقعده عن العمل، وقلب حياته رأساً على عقب!. دب الشلل في جسمه، ولم يعد يستطيع الحركة، فأعدوا له سريراً في مكان يشرف على ما يجري في الحانة، وأرقدوه فيه
وقلت نكاته، ولكنه لم يتخل عن مرحه وظرفه، فهو ما زال يبادل أصدقاءه النكات وهو راقد على ظهره!. كان يميز الأصوات فيعرف أصحابه!
- مرحبا سلستين، يا ولدي. . . الست أنت سلستين؟
فيرد عليه سلستين: كيف حالك يا عم؟ أوه!. . . لم أعد أصلح للطراد أبداً!!
وتثور العمة طون ثورتها المعهودة، وتقول: انظروا كيف ينام على ظهره كالثور العجوز، ولم يعد فيه نفع ولا فائدة!