السهروردي أو كان ذلك صادراً عن رأيه في كرامات الأولياء، وقد سبق لنا عرضه.
أما بعد موته، فقد كتب كاتب على قبره بعد دفنه بظاهر حلب:
قد كان صاحب هذا القبر جوهرة ... مكنونة، قد براها الله من شرف
فلم تكن تعرف الأيام قيمتها ... فردها غيرةُ منه إلى الصدف
قال ابن خلكان: وأقمت بحلب سنين، للاشتغال بالعلم الشريف، ورأيت أهلها مختلفين في أمره، وكل واحد يتكلم على قد هواه، فمنهم من بنسبه إلى الزندقة والإلحاد، ومنهم من يعتقد فيه الصلاح، وإنه من أهل الكرامات؛ وأكثر الناس على أنه كان ملحداً لا يعتقد شيئاً.
وللشهاب من المؤلفات كتاب التنقيحات في أصول الفقه، وكتاب الألواح العمادية، وهو عجالة في المبدأ والمعاد على رأي الإلهيين، وكتاب التلويحات في ثلاثة علوم: المنطق، والطبيعي، والإلهي، وكتاب المقاومات، وهو لواحق على كتاب التلويحات، وكتاب هياكل النور، وقد شرحه جلال الدين محمد بن اسعد الدواني، وكتاب علم الهدى وأسرار الاهتداء، وكتاب اللمحات وكتاب المعارج، وكتاب حكمة الإشراق، وهو متن مشهور، شرحه الأكابر - كما قال في كشف الظنون - ومنهم قطب الدين الشيرازي، وكتاب المشارع والمصارحات. وهي كتب في المنطق والفلسفة والتصوف وله رسالة العزبة الغريبة على مثال رسالة الطير لابن سينا، ورسالة حي بن يقظان له كذلك، وقد أشار فيها إلى حديث النفس على اصطلاح الحكماء.
ونختم هذه الترجمة بذكر ما وصفه به بعضهم من إنه كان زري الخلقة، دنس الثياب، وسخ البدن، لا يغسل له ثوباً ولا جسماً ولا يداً، ولا يقص ظفراً ولا شعراً، وكان القمل يتناثر على وجهه، ويسعى على ثيابه، وكل من يراه يهرب منه. وعندي أن ذلك من وضع شانئيه، ولو كان كما وصفوا ما خشي صلاح الدين منه فتنة أن يتبعه أحد.
وبعد فارجوا أن أوفق إلى دراسة كتب هذا الرجل، فعساي أدرك سر قتله، لأني أرجح - إلى اليوم - إنه قتل مظلوماً.