للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أبداً إلا إذا أخلصوا للإسلام وجهروا به لا في العبادة فحسب، بل وفي تنظيم حياتهم الاجتماعية والسياسية، وتنسيق شؤونهم المادية والاقتصادية جميعاً.

أما الخطة التي بسطها أخيراً نبيه أمين فارس في كتابه (العرب الأحياء) - وهي مع الأسف الخطة التي تسير عليها الحياة السياسية في الممالك العربية - فهي أخطر على الإسلام والمسلمين من شبح الشيوعية التي لا يتوانى ولاة الأمر في مكافحتها باستغلال العاطفة الدينية بدون أن يصرفوا همهم إلى تنفيذ مبادئ الإسلام الاقتصادية مثل فرض الزكاة وما إلى ذلك.

نعم، إن الخطة التي دعا إليها نبيه أمين فارس، والتي تهدف إلى جعل محمد صلى الله عليه وسلم بطلاً من أبطال القومية (معاذ الله من ذلك) - وبالفعل وصف محمد صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة في الرسالة التي تفضل بها أحد رؤساء العرب بمناسبة عيد الميلاد - ليست إلا ستراً لضعف المسلمين، ومكيدة لحل قواهم، وضربة قاضية على كيانهم، إن محمداً لم يجمع كلمة العرب فحسب، بل جمع كلمة العرب والعجم جميعاً، ثم كيف يفوت أحداً أن يتساءل: على أي شيء جمع كلمتهم؟ العروبة أو الإسلام؟ أقسم بالله أني لم أتألم من قراءة أي كتاب حتى ما كتبه المستشرقون من الطعن في الإسلام بقدر ما تألمت من قراءة هذا الكتيب الذي أعده أحق بالمصادرة من جميع ما تصدر الأحكام بمصادرته من يوم إلى يوم، ولكن ماذا نصنع إذا تخلى الأزهر الشريف عن وظيفته فصار يسير في موكب الساسة وولاة الأمور دون أن يسمو إلى توجيههم وإرشادهم لوجه الله، فهل يصدر الفتوى ضد الشيوعية وضد بيع الأراضي ليهود فلسطين ليساعد الحكومة في بعض أعمالها ويسكت عن أشياء ليتجنب معارضة الساسة وعرقلة الحكومات (حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء)، وليس هذا شأن أهم وأقدم مؤسسة للعلوم والثقافة الإسلامية التي لا تصور فصل الدين عن الدنيا بأي حال من الأحوال. أفلا يجدر بالأزهر والمنتسبين إليه أن يترفعوا عن الحزبية والإقليمية اللتين ربما سببتا إقفال أبوابه، ثم يشنوا حملة شعواء على ما يجدونه في الشوارع والأندية والملاهي من العناصر والمظاهر والتقاليد غير الإسلامية في حياة الأمة بأسرها بما فيها السياسة والحكومة والآداب الاجتماعية والأخلاق الفردية؟!

(البقية في العدد القادم)

<<  <  ج:
ص:  >  >>