للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يستعملها العامة كما يستعملها الخاصة، وهنا - كما في كل مكان - ألفاظ خاصة لها حظوة فهي كثيرة الدوران على الألسن، فإذا فتشنا عن هذه الألفاظ لا نجد لها في الشعر أثراً، كما أنا نفقد الألفاظ الجزلة، والأساليب الضخمة، مع أن كثيراً من الشعراء كانت لهم أقدام رواسخ في اللغة والأدب، لكن الشعراء مغرمون بالبديع، وربما تكلفوه تكلفاً، فالجناس والتورية، وحسن الابتداء وحسن التخلص، من مقاصدهم الشعرية، فمن التورية قول أحدهم في صديق له اسمه شوقي:

إن نسوا ردك يا شوقي فما ... أنا إلا حافظ ما جهلوا

وقول الآخر:

ولست بخائف حصراً وعياً ... وشوقي فيه يمليني نشيدي

ومن الخباس قول الشيخ عبد الله عبد الرحمن يخاطب الأستاذ علي بك الجارم حين زار السودان:

أما استعارات البيان فإنها ... عبء ينوء به الشباب ثقالاً

يجرون أميالاً ولا يجرونها ... ويرون في طرقاتها الأوحالا

ها (عرضحالي) يا علي مقدماً ... ما حائل من دون عرضي حالاً

ومن حسن التخلص قول الشيخ محمد عمر البنا:

وليل بت فيه سمير أنس ... قرير العين مشروح الفؤاد

كأن صفاء أنجمه علينا ... أيادي الشهم عثمان الجواد

وللشعراء ولوع بالتاريخ الشعري، وله أمثلة كثيرة في أشعارهم، وقد ينظمون شعراً يمكن قراءته على وجهين ومن ذلك قول الحبر الجليل الشيخ الأمين الضرير من قصيدة نبوية كبيرة:

حمداً لمن أبدى لنا سبحانه ... من أمنا بهداه إذ قد صانه

نسباً صريحاً عن خنى ومكانه ... في القرب لم يدرك رسول ذوثنا

فيمكن جعل هذين البيتين ثلاثة، فتكون نهاية البيت الأول (أمنا) ونهاية البيت الثاني (عن خنى) وهكذا كل القصيدة.

وبعد فقد امتد بنا نفس القول في شعر هؤلاء الشعراء الذين كانوا الهداة الرائدين، وما بلغنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>