للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لذلك القسم الهام من الجسم العربي فإن صميم الكيان لتلك المناطق العربية يتطلب تحديداً جديداً في علاقاتهم مع الأمريكان. ويتطلب تجرداً من التزامات ثقيلة وعواقب وخيمة. فهذه الالتزامات وحدها قد تكون مبرراً يتخذه الروس فيما يضمرونه من شر لآبار البترول التي يمتصها الأمريكان. هل قدر الأمراء الذين يلهون بحفنة من الدولارات الأمريكية مغبة وضعيتهم الخطيرة؟

إن المصلحة القومية، وحتى المصلحة الشخصية الأنانية لأولي الأمر وللشعب في شرقي جزيرة العرب تفرض الاندماج الكلي في سياسة التنظيم الإقليمي الذي تعمل له الجامعة العربية في صدق وإخلاص، فهذا الاندماج ضروري بل أساسي لتناسق المصلحة المشتركة.

ويبدو أن السعوديين والكويتيين وسكان البحرين وأمراءهم وشيوخهم يسلكون مسلك الذين يعتقدون أنهم الرابحون في إعطاء امتيازات البترول للأمريكان. ولعل السبب أنانية جماعة من المرتزقة العرب الذين يحيطون بأولي الأمر هناك؛ هذا بالإضافة إلى سذاجة الوعي وفقدان التوجيه الذي تستطيع الجامعة أن توليه.

ولا حاجة للإفاضة في شرح سذاجة هذا التفكير؛ فحصة المملكة السعودية مثلاً من أرباح شركات البترول الأمريكية التي تستغل آبارها الغنية تبلغ خمسة في المائة أي ١٨ مليون دولار حصة السعوديين من الضرائب وغيرها، بينما أرباح الشركة تزيد في ٣٦٠ مليون دولار! هذا إذا أخذنا أرقام الشركات الأمريكية على أنها صادقة!

وطبيعي أن سياسة الجامعة العربية في جناحها الشرقي لن تتطلع أو تتوخى امتلاك آبار البترول أو حتى إدارتها؛ ولكن النصيحة الرشيدة و (إثبات الوجود) كفيلة بأن تعزز الهدف لرعاية المصالح العربية في هذا المجال الإقليمي. فهناك فائدة مزدوجة تعود بالربح المادي وغير المادي على الحكومات والشعوب على السواء في المملكة السعودية والكويت والبحرين حين تمتلك السلطات المحلية هناك آبار البترول. فهذا الامتلاك يتطلب تحديد الموقف إزاء الشركات المحتكرة، وهذه الخطوة لا تعني ترك البترول يعفن في طبقات الأرض. ففي أمريكا الجنوبية دول وشعوب تنقصها الخبرة الفنية والتقدم الحضري، ومع ذلك فقد أقصت الأمريكان عن منابع الذهب الأسود كما حدث في المكسيك، وابتاعت

<<  <  ج:
ص:  >  >>