للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الصراع الدبلوماسي في هيئة الأمم يتطلب أن لا تناصب فرنسا العداء مخافة تمضي في عدائها للقضايا العربية (الشرقية). وكذلك كان موقف بعض الدول العربية بادئ الأمر من هولندا في عدوانها على الجمهورية الأندنوسية. وكلنا عليم بأن مواقف كلتا الدولتين في داخل هيئة الأمم وفي خارجها من قضية فلسطين لم تراع مطلعاً هذه الكياسة العربية. وعلى ضوء هذا الجحود، يجب أن يحدد موقف الجامعة من فرنسا تحديداً حازماً. ففتور الجامعة الدبلوماسي على الأقل نحو مصير باي تونس المرحوم محمد المنصف، ونحو قانون الانتخابات للفرنسيين في تونس، وفي فضائح انتخابات الجزائر وفساد قانونها، وفي موقف المقيم العام الفرنسي من سلطان مراكش، هذه السلبية تركت ولا شك أثراً سيئاً في حركات الإخوان العرب في ذلك الجزء من الجسم العربي، كما ولدت فتوراً في حدة الاستنكار الذي كانت فرنسا تنتظرها من المراكشيين والجزائريين والتونسيين لموقف فرنسا من قضية فلسطين ولموقفها من نشاط اليهود في مجهودهم الحربي في فرنسا نفسها وفي المغربي العربي ذاته.

لقد استمدت الجامعة العربية كيانها التي ترعاه أفئدة الملايين من المصلحة العربية المشتركة بالإضافة إلى أسس الشعور الثقافي الشامل المشترك. وعلى ضوء هذه المصلحة الحيوية، وبفضل هذه الشعور الأصيل خطت وستخطو الجامعة قدماً والحق في جانبها، والعدالة رائدها ودستورها، والله والعروبة معها.

وعلى أساس هذه المصلحة وهذا الشعور يجب أن يعالج جناح الجامعة العربية الشرقي في نجد والكويت والبحرين. إن القائمين على الأمر في ذلك البحر من السائل الذهبي، لا يبدو أنهم يقدرون خطورة موقفهم في سياسة الجامعة العربية، فضلاً عن السياسة الدولية إجمالاً. ولعل العذر هو فجاجة الرأي وفقدان المشورة المجردة من الانتهازية الأنانية التي تستغل صفاء النفس البدوية وسذاجة وعيها السياسي في عالم معقد.

بل الواقع أن أمراء المملكة السعودية والكويت والبحرين لا يقدرون خطورة ارتمائهم في أحضان الأمريكان والبريطانيين وهم على مرمى القنابل الروسية في حوض من البترول يستهوي آلة الحرب النهمة.

وإذا كانت مصلحة الهدف الذي تعمل له الجامعة العربية يتطلب تركزاً وسياسة إيجابية

<<  <  ج:
ص:  >  >>