تتقيد بالقوانين الأخلاقية، كما يبدو في صور مكونات الطبيعة التي ترتبط برباط القوانين الطبيعية.
وعلى الإنسان أن يسعى لمعرفة هذه القوانين لا على أنها غايته القصوى في الحياة، بل لأن معرفتها يبعث في النفس ذلك السرور الذي صدرت بسببه الخليقة عن الله، ومن ثم يعي الله الذي حل في كل شيء ويشعر بتلك الوحدة المتماسكة التي تضم أجزاء الكون
إلا أن المرء لن يحظى بغايته الدينية ما لم يظهر أولاً الله الكائن في قرارة النفس، ويبرزه في عالم الشعور مثل ما تبرزه الشجرة من الحبة. ولن يحصل على كماله الروحي إلا عندما يتلاشى شعوره بذاتيته ويدمجه في كل ما حوله من كائنات، وبغير ذلك لن يدرك أحد حقيقة وحدة الوجود. ولكن إذا تمكن الإنسان من أن يحس بوجود الله في دفينة نفسه فكيف يمكنه أن يعي الله في كل شئ في العالم ويندمج فيه، لأن عدد ما يحتويه العالم من مخلوقات لا يدركه الحصر؟ ولكن يتفادى طاغور هذه الصعوبة على رغم أن الإنسان قبل أن يفنى روحه في الوجود عليه أن يصل إلى أغوار نفسه ويدرك الله الكامن بها. وعن طريق وعي حقيقة كمون الله في النفس الإنسانية واتحاده بها يكشف الإنسان عن تغلغل الله في سائر محتويات الوجود، ويتخذ من تلك الحقيقة مصباحاً يهتدي به في وعي اتحاد الله بمختلف نواحي الكون وإدراك الوحدة الكبرى التي تربط أجزاء الوجود. شأن الإنسان في هذا الإدراك شأن كشف العلم عن قوانين بسيطة عامة عن طريق بحثه مجموعة من الظواهر والحوادث يستعين بها بعدئذ في فهم الظواهر والحوادث المتشابهة التي لم يكن قد بحثها من قبل. فلا بد للإنسان إذن أن يدرك أولاً حقيقة عامة تنير له سبل معرفة كل ما يريد أن يعرفه عن وحدة الكون. فإن عرف مبدأ استقرار الله في أعماق النفس الإنسانية واتحاده بها يمكنه أن يسترشد به في الغوص في مجاهل الوجود تدريجياً إلى أن يتجلى له الله في صور الأشياء جميعاً في صورة بعد صورة، حتى يجد نفسه غارقاً في لا نهايته الفسيحة التي تضم كل محتويات الوجود وتوحدها فيعجز عن أن يميز بين حقيقته الفردية وحقيقة الله الكلية، لأن تدفقه المستمر نحو الله الذي يتوسم في الكون صيره الله وأصبح لا يحس بوجود خلاف وجوده الذي هو وجود الله.
فمفتاح وعي الله ووعي الوجود هو وعي الروح، وأول خطوة يجب أن تخطى نحو تحقيق