للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الديمقراطية التي تبتني على تعداد الرؤوس فقط والأخرى التي لا تخول حقاً إلا بعد مراعاة التقوى والكفاية وحسن البلاء كما نبه عليه الدكتور طه نفسه، ولا يفوتنا أن النظام الذي وضعه عمر قد نجح نجاحاً تاماً بحيث أن منشأ الخلافات التي نشأت فيما بعد لم يكن هو طريق الانتخاب بل سوء الإدارة فقط. فلنأسف لا على أن نظام الشورى كان ناقصاً من أية جهة بل على أن الظروف حالت دون نموها واتساعها وتوطيدها.

وكذلك يتنافى مع روح الإسلام أن يعترف في النظام السياسي بوجود أية طبقة خاصة كالأنصار وغيرها حتى يراعي (لتمثيلها)، إنما الاعتبار كل الاعتبار بالصفات الشخصية بصرف النظر عن الطبقة التي ينتمي إليها صاحب التقوى والكفاية؛ كما أن المسلم يستبعد منه أن يمقت الثروة في أيدي الصالحين المخلصين للدين أو استغلالها بالطرق المشروعة، إنما يستنكر استخدام النفوذ في الحكومة أو الصلة بالخليفة للحصول عليها والاستئثار بها. فلنحذر من التعبير عن أحداث الفتنة الكبرى بالنزاع بين الطبقات على حد ما عرفناه من دراستنا للنظريات الغربية فأن ما حدث أيام عثمان لم يكن إلا ثورة عامة ضد آل أبي معيط، وإن اتسع نطاقها شيئاً فيما بعد.

وأخيراً تكلم الدكتور طه عرضاً عن الرق في الإسلام، وذلك بلهجة اعتذار ربما يكون منشأها طعن الغربيين في الإسلام من هذه الناحية، ولا شك أن الإسلام اهتم بوضع كل ما يمكن من المشروعات والأوامر لتقصير مدى رق الأسير ولكن النظام - كما اعتقدنا - لم يوضع لحل الرق القائم إذ ذاك فقد بل إنه نظام دائم مستمر كلما استمر المسلمون في حياة الجد والعمل والتعمير والتمدين، والمسلمون في هذا العصر خليقون بأن يدرسوا نظام الرق في الإسلام كأحسن نظام عرفته الإنسانية للشفقة بأسرى الحرب وتحسين حالهم وتوجيههم وإرشادهم وكفالتهم بدون إحداث أي تغيير مفاجئ في اقتصاد البلاد.

السيد محمد يوسف الهندي

<<  <  ج:
ص:  >  >>