على فعول دائماً سواء متعدياً أم لازماً. واعتقد أننا على هدى هذا النص يمكننا أن نفسر المصادر المختلفة لفعل واحد، فإذا كان للفعل مصدر واحد أو أكثر نستطيع أن نعرف على الأقل أن ما كان منه على وزن فعول هو من نطق النجديين، وما كان على وزن قعل من نطق الحجازيين فخذ أي جزء من أي معجم فستجد مثلاً (زحف زحفاً وزحوفاً وفتك فتكاً وفتوكاً وودق إلى الشيء ودقاً وودوقاً وعجف نفسه عن الطعام يعجفها عجفاً وعجوفاً. .) وغيره كثير. وإني لأستنتج من هذا - وأعتقد أني على صواب في استنتاجي - أن كل فعل جاء له مصدر واحد فإن كان على وزن فعل - نفتح فسكون - فقط احكم بأن أضل هذه الكلمة حجازي وعنهم أخذته القبائل؛ وإن كان مصدره على وزن فعول - بضمتين - فحسب احكم بأن أصل هذه الكلمة نجدي وعنهم أخذته بقية القبائل.
على أننا في المصباح نجد بعض الاختلاف فيما روى عن الفراء إذ يقول: حكى عن الفراء: (كل ما كان من الثلاثي (متعدياً) فالفعل بالفتح والفعول جائزان في مصدره) فهذا النص يقصر الأمر على المتعدي لكنه يجيز لنا صوغ المصدر على الوزنين. وفي المصباح أيضاً نقلا عن الفارابي: قال الفراء: (باب فعل بالفتح يفعل بالضم أو الكسر إذا لم تسمع له مصدراً فاجعل مصدره على الفعل أو الفعول. الفعل لأهل الحجاز والفعول لأهل نجد) وهذا النص بين القبائل ويقصر الأمر على ما لم يسمع مصدره ويسكت عن كون الفعل متعدياً أو لازماً فهو يكاد يتفق مع نص (الشافية) إلا أنه قيده بما كان ماضيه مفتوح العين ومضارعه مضمومها أو مكسورها، ومع اختلاف هذه النصوص فإن ذلك لا يمنع ما استنتجته أولاً بل يزيده توكيداً.
٥ - أهل الحجاز يؤنثون (الصراط والطريق والسبيل والزقاق والسوق والبر والشعير والتمر والبسر والذهب) بمعنى أنهم يشيرون إليها بالتأنيث ويؤنثون لها الفعل ويصفونها بالمؤنث ويعيدون إليها الضمير مؤنثاً فيقول مثلاً: (هذه الطريق كانت واضحة وهي التي سلكتها) أما بنو تميم فيذكرون ذلك كله يقولون: (هذا الطريق كان طريقاً واضحاً وهو الذي سلكته) وإني لأستنتج من هذا ومما ورد غيره منسوباً تأنيثه إلى الحجازين أن كل اسم مفرد استعمل مذكراً ومؤنثاً، فالأصل في تذكيره التميميون، وفي تأنيثه الحجازيون.
هذا والقرآن الكريم استعمل (الصراط) بالتذكير على لغة تميم (اهدنا الصراط المستقيم. هذا