هذا الرأي للدكتور طه حسين بك. . . أما أين اطلعت عليه ففي آخر عدد تلقيته من جريدة (بيروت المساء) اللبنانية تحت عنوان: (طه حسين يبايع عمر أبو ريشه).
سؤال من بضعة أسئلة وجهها مندوب الصحيفة اللبنانية إلى الدكتور طه، وجواب من الدكتور على سؤال المندوب الصحفي، وبهذا الجواب العجيب أقام الميزان لشاعرية الشاعرين فأنخفض شاعر وارتفع شاعر. . . في ميزان الدكتور طه لا في ميزان النقد المبرأ من تحكم الهوى وغلبه العاطفة! ولولا أنني أثق بجريدة (بيروت المساء) كل الثقة، لارتبت في أن الحديث الذي نشر قد ناله شئ من التصحيف أو شئ من التحريف!
أدلى الدكتور طه بهذا الرأي يوم أن حل ضيفاً على لينان منذ قريب لحضور مؤتمر اليونسكو بدعوة من الحكومة اللبنانية أدلى به كما قلت لك إلى مندوب جريدة (بيروت المساء) حين راح يسأله عن دنيا الشعر العربي بعد أن رحل عنها شوقي وحافظ. وعندما أجاب الدكتور بأن مكان الشاعرين قد ظل مع الأسف شاغراً لم يشغل، سأله المندوب الصحفي مرة أخرى عن رأيه في مكان الشاعر على طه. . . وهنا ابتسم الدكتور طه ثم قال:(بالله لا تحرجني! هذا شاعر ولا يعرف قواعد اللغة العربية. ولقد حاولت عبثاً أن أفهمه بأن فعل الأمر من (سقى) يختلف مع المفرد المذكور عنه مع المفردة المؤنثة، ولكنه لم يفهم. . . هل تصدق أنه يقول في الحالين (إسقنيها)، مع أنه يجب أن يقول للمفرد المذكر (إسقنيها) وللمفردة المؤنثة (إسقينها)؟ ولكنه للأسف لا يعرف قواعد اللغة العربية!
بعد هذا تحول الدكتور طه إلى الشاعر السوري عمر أبو ريشه ليشيد بفنه ومزاياه، وليخصه بعطفه وتقديره. وليتحدث عن أثر شعره في نفسه يوم أن جمع بينهما لقاء أسمعه الشاعر فيه بعض مقطوعاته، وخلص الدكتور طه من هذا كله إلى أنه ليس هناك شاعر عربي معاصر يستحق إعجابه وبيعته غير عمر أبو ريشه! هذا هو الرأي الذي سجلته الصحيفة اللبنانية للدكتور طه حسين وأود أن أعقب عليه فأسأله: هل حدث حقاً هذا الذي دار بينه وبين الشاعر على طه؟ وإذا كان، ففي شرع أي ميزان من موازين النقد يجوز للناقد أن يقدر أقدار الشعراء على ضوء خطأ نحوي أو لغوي يقعون فيه؟!. . . وإذا أبيح للدكتور أن ينظر إلى الشاعر المصري هذه النظرة التي تنكر كل موهبة من واهبه وتلغي مكانه من قائمة شعراء الطليعة لمجرد خطأ واحد وقع فيه، ففي أي مكان يا ترى يمكن أن